أحبّيني؛ من دون قيد!./ بقلم : موفق السلمي(اليمن).

أحبّيني ، ومن دون قيد أو شرط ، وضيعي في خطوط يدي، كخلية دم ، أحبّيني ليس لأسبوعٍ فقط، ولا ليوم، فلن تبرئ سقمي الشهور والسِنون ،وإن كثُرت، ولن تشفي جراحي عقاقير الطب، وإن طوّرت…
أحبّيني لغاية الدهر ، في القبر، في البعث، في النشر في الحشر؛ أحبّيني ، أحبّيني أينما كنتِ، وقبل أن تكوني، فلستُ أنا ذلك الشاعر، الذي لا يهتم بالأبد، ولستُ كذلك شهر تشرين فحسب ، أنا شهور العام وفصوله ، أنا ربيع قلبك وصيفه، أنا حياتك سيّدتي؛ فلا تصدقيه ، ولا تنسحقي على جسدي كصاعقةٍ، لا لا، لا أحب الصواعق، ولا أكره الحياة، أريد أن أبقى، أريد أن أعيش…
أحبيني.. وكوني لي كفراشة ، حلقي على جسدي، كما تحلق الفراشات والنحل على الزهر ، أحبيني دون توحشٍ وإنفجار ، دعكي من نزار، واهجري كل شراسة التتر ، فلستِ أنت سقر، التي لا تُبقي ولا تَذر، بل أنت واحة خضراء لفرد من البشر، أنت جنتي وآخرتي ، أنت نعيمي الأزلي، ومهجتي وروحي، تعالي إليّ معذّبتي؛ وتحضّري وتمدّني، تزيني لي كالعرائس ، وانتظري قدومي على فرس أبيض ، وتغطي يا غابات حنائي، ولا تتعري أبدا، فقط أحبيني…

بعيدا عن الزلازلِ والبراكين ، بعيدا عن الفيضانات المدمرة لسواحل الجزر، بعيدا عن الأمواج العاتية اللاتي تغرق السفن، بعيدا عن الخسف والمد والجزر، بعيدا عن كل مصيبة وشر، بعيدا عن بلاد القهر والكبت، بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت والحرب ، بعيدا عن راجمات السيّد، وقاذفات التحالف، بعيدا عن “تعز” وتعصبها، وتخشبها، بعيدا عنها، وعن كل إرهابٍ فيها أحبيني!..

أنا رجل بلا قدرِ، فكوني أنت لي قدري، كوني أملي المفقود، كوني بري وبحري، كوني سعادتي وصفائي ، كوني رخائي ويساري ، كوني وطني الذي تمزق وتفرق، كوني منزلي الذي تهدم وتساقط، كوني أماني الذي تلاشى وتبدّد، كوني أبي الذي خرج ولم يرجع، كوني أخي المقتول غدرا، وصغيري المخفي قسرا..

سيّدتي، إن كنتُ جائعا خطرا ، فكوني مرضعتي، واتركيني على نهديك كالنقش فى الحجر! ولا تكوني سرابا، إن كنتُ ضمآنا عطشا، بل كوني كوثري الذي أرتوي منه، كي لا أضمأ بعدك أبدا….

أحبيني، ولا تتساءلي كيف تحبيني؟! أحبّيني من دون خوف! أو خجل، وقوليها صراحة، ودون تلعثم، أو تلكؤ، قولي:[أحبك]، وأخبري بها كل من على سطح الأرض ، اصدحي حمامتي الهتوف في رحاب مدينة الأشباح والموتى، أعلني عن قرب عيد فطرنا المبارك ، ولا تخافي من بنادقهم، فرغما عن أنوفهم سنحتفل، سنحتفل بعيدنا وفطرنا ،وإن كانوا صائمين ، وإن لم يفطروا وسيّدهم سنزغرد بعيداً عن حربهم وتشريعاتهم…

تعالي، – معذّبتي في الهوى- واغسلي بيديك الطاهرتين أدراني وأخطائي، تعالي، واسقطي مطرا على عطشي وصحرائي ، تعالي، أيا سقفا من الأزهار، ولا تخشي على قدميك من الأشواك والألغام، تعالي، واشميني عطرك الفواح ، تعالي وانعجني بأجزاء جسدي المنهك المريض ، انفذي إلى أحشائي كما شئت، وعبر المسامات أو الفتحات..

معذبتي، أحبّيني وبلا شكوى، وتحملي في سبيلي كل بلوى ، أحبّيني بلا خصام، ولا هجر، ولا حنق…

أحبّيني، أحبّيني أحبّيني..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!