صدرت عن دار الزمان للنشر والتوزيع رواية الصوت المخنوق، للروائي والناقد السوري عبد المجيد محمد خلف، الطبعة الأولى، 2019، وهي الرواية التي فازت بجائزة الشارقة للإبداع العربي، الدورة 14.
تفتح الأشرعة أبوابها للسفر، وتقترب السفن من شواطئها؛ لتقلّ أولئك المسافرين؛ ليضربوا في أصقاع الأرض كلها بحثاً عن الخلاص، لتنجلي حقيقة الغربة، والوطن معاً، في لوحة، ومشهد متكامل، لا يعلو في وضوحه شيء، فلا الغربة ترحم، ولا الوطن، بعد أن غادره أبناؤه بصمت، والغصّة تملأ قلوبهم على فراقه، ومحاولة الابتعاد عنه، على الرغم من أنهم كانوا يدركون عبث المحاولة في ذلك، فلن يستطيعوا للحظة واحدة إبعاد صورته عن أعينهم، ولا التفكير في شيء سواه، فعشقه جلد ظهورهم بسياطه، ليعيشوا أيام الاغتراب كلها على ذكرياته التي كانت تتجلى أمام أعينهم كل لحظة، ولكن ما العمل؟! لم يكن بإمكانهم فعل شيء سوى اتخاذ قرار العودة، للتخلّص من الغربة التي طالتهم، وتركت آثاراً عميقة في قلوبهم، ولم ترحمهم منذ الأيام الأولى التي وطئت أقدامهم أرضها، ليبقوا تائهين في سنوات ضياعهم، ويبقى حديثهم حنيناً وغربة، وتبقى صور الرحلة ماثلة أمام أعينهم، بكل تجلّياتها، وتداعياتها عليهم، فالبحر، الحدود، الحواجز، الخوف، الهروب، الضرب، الغرق، السعي خلف جنسية إحدى الدول الغربية، فقدان القدرة على الصبر، تجرّع الآلام، وأخيراً، وليس آخراً الموت في دروب بلدان الاغتراب.
هي رحلة (آراس و سالار) أبطال الرواية؛ اللذان اختارا الغربة، ليقررا العودة بعد ذلك إلى الوطن، الذي بات هو الآخر يعيش منفاه بعد رحيل أبنائه عنه، ليعلو صوته، مع صوتهم فوق تلك الجبال التي كانت تردد صداها بوحشة وألم، وتختنق بعدها دون أن تجد من يصغي إليها…