لا أطلبه لذات الطلب ؛ ولا أنتشله من فقري إليه ؛بل أقصدني ذاتا حتى أراه لي .
وحين يقوم مقام السؤال في حقيقتي ؛ فإني أشير إلى داخلي ليصنعه من باطن
العبارة ؛ولا أستجديه خارج الإشارة.
المعنى يحيا في سيرورتي قائما في صوتي وصمتي ؛ملازما لذاتي لا يفارق مرادي
وقصدي . فإدراكي للمعني في الشيء يكون ذهني مكللا بحيازته قبل يدي.
لن انفصل عني ليضيع المعنى مني أو أراه قائما في غيري؛ فالاتصال في جوانية
الدال هو نفسه المعنى في باطني . أسوقني إلي دالا ودليلا ؛ وباعا من معنى
لن يستغني عني.
هو المعنى من علمني أن أكون ساميا ؛
وإن مسني التفاضل ؛مشيت إلى معناي أبنيه حيا واعيا بتراسل الألوان ؛ أراه
صلصالا يتعتق في شفوف الذوق ؛ وأتحسسه سماء زرقاء لها بصيرة ماء البحر؛
تتناسق ألوانه وأذواقه في تداوله بين أعشاب اللسان.
فاعتني بمعناي ولا التفت إلى غيري ؛ولا استنجد بعلاماته في طرق مختلفة ؛
فقد تعلمت من المعنى ألا أطلبه من غيري؛ وان أراه تحفة كبريائي ؛فالأغراض
عديدة ؛ والمعنى أثر فراشة في اهتزاز كيمياء الشعر. باطنه أوسع من ظاهره ؛
وظاهره أشف من لوازمه ؛ وإدراكه أوكد من حاله .
هو المعنى من علمني أن أكون ساميا ؛
حين يدق بابي معنى ينطق أنفاسي؛ أعرف تناسق عبارتي مع مقاصدي ؛ وأخلي له
فتحة الانسراب في كلامي ليكونني في جهري وسري . يلتزم برؤيتي ؛ ويتقصدني
في نحوي ؛ ولا ينثال خارج كفي. ههنا تكون العناية وافرة القصدية ؛ خفيفة كلثغة
طفل صغير يتراشق بألفاظ الراشدين.
ليس المعنى سوى تجل لي ؛ فعالي منجزه ؛ ومرادي مجال قوله ؛ يسيح على حد
إلتزامي ؛ ويستلزم إرادة فعلي . بي يكون كلامه يمشي بين الناس ؛ يحكم سطوته
على رقاب المفردات ؛فيكون قضاء حيث أقضي ؛ ورجاء حيث أرتجي أو إرجاء
حيث أرجيء ؛ وخروجا إلى نقضيه حيث خروجي ؛ وولوجا حقيقيا حيث ألج.
المعنى أعزل إن تجردت منه ؛ وأنا تاريخ لا ينعزل عن معناه .