و مَـا عِفـنَا المَــوَدَّةَ حــينَ عِفــنَا
سِوَى مِنْ قِلِّ مَنْ حَفِظُوا الوِدَادَا
سِـوى مِــنْ قِلِّ مَــنْ أَبقَـوا عَلَـينَا
و صَـارَتْ نارُ صُحبَتِهِــــمْ رَمَــادَا
لَنَا فـي الـوِدِّ مــا جَهِلـــتْ نُفوسٌ
و نَعلَــمُ مَـنْ عَـنِ الأَدرابِ حَــادَا
حَمَلناهُــمْ و زِدنَا الحِمـلَ حِـــملَاً
و كُنَّا فـــي مَحامِلِهِــــم طِــــرادَا
فَمَــا نِخــنَا بِمَــا حَمَلــتْ قُلـــوبٌ
و كـانَ لِكُــــلِّ حَــــيٍّ مـــــا أَرَادَا
فَسَاقِــيَةُ المَــوَدَّةِ مِـــنْ عُــــيونٍ
تَناهَـتْ مِـــنْ مَشارِبِهَـــا رِفَـــــادَا
شَرِبنَاهَــا صِغَاراً حَـــيثُ شِــــبْنَا
نَزيدُ لِحِفْظِهَـــــا مِلحَــــــاً و زَادَا
و نَحلِبُ مِـنْ رُعافِ القَلبِ مــــاءً
لِنَســقِيَ مِـــنُهُ مَــنْ بِالـــوِدِّ نادَى
فَمَـــا بِعـــنَا غَـــوالِيَنَا رَخيصَـــــاً
و لا فــي بُعدِهِــــمْ زِدنَا بُعَـــــادَا
و لا يَومَـــاً بَذَلـنَا الفَضْـــلَ مَــــنَّاً
و لا نِلنَا مِـــنَ الرُّخـــصِ المُــرادَا
و لٰكِـــنَّ ابنَ آدَمَ حـــينَ يُعطَـــى
مَــزيدَاً عَـــنْ مَكـانَتِهِ اســــتَزادَا
و إِن أَولَيتَــهُ مَــــا لَيـسَ يُؤتَـــى
عَلَــيكَ بِكُــــلِّ ماهِـــيَةٍ تَمــــادَى
تَرَى ؛ مـا كُـلُّ مَـنْ قَــرَّبتَ خِــــلٌّ
و لا مَـــنْ فِـــدتَّهُ يَومَـــاً أَفــــادَا
و لا مَــنْ نالَ حاجَــــتَهُ تَنَحَّــــى
و لا مَــنْ فادَ صَاحِــبَهُ استَفـــادَا
و لا مَــنْ غَـــابَ تَحسَــبُهُ بَعــيدَاً
و لا ذي القُــربِ إن أَقـــرَبتَ زَادَا
و مــا كُــلُّ البُذورِ تَصــيرُ زَرعَـــاً
و لَــو أسقَيتَهـــا زَمَـــــناً شِهَـــادَا
و لا كُــلُّ الَّــذي أسقَــيتَ حِفـــنَاً
و طـــابَ ثَراهُ خَيَّبَكَ الحَصَــــادَا
فَـــذو أَصـــلٍ مَلافِظُــــهُ عُهـــودٌ
و مَــنْ لا أَصـلَ ما استَأمَنتَ كادَا
و ذو شَـــأنٍ يُرَدُّ إلَــــيهِ شــــــأنٌ
و كُــلُّ مُطـــاوعٍ بِالطِّيبِ ســـادَا
فَنَفـسُ المَــرءِ مــا ابتُلِيَتْ بِزَهـوٍ
تَرَى مَــا دُونَ تُخمَتِهـــا فَسَــــادا
بَني قَـــومي أَلِفناكُـــــمْ بِغَـــــيظٍ
و نَيلُ وِدادِكُــمْ أضحَى جِهَــــادَا
رَضَـينَا البُعـــدَ لٰكِـنْ صَـــارَ يَدنُـو
و أَدنَى مِـــنْ صَوامِعِــنَا العِـــبادَا
فَمَــنأَى السَّـاكِنينَ عَلــى عِـــتابٍ
يُنَـادي مَــنْ لَــــهُ بِالوَجــــدِ نَادَى
إلامَ القُـربُ إِذْ مَــا جَــفَّ شَـــوقٌ
و مَــارَ رِضــاهُ بِالمَــنأَى عِنَادَا ؟!
إِلَامَ البَسمَــــةُ الصَّـفراءُ فيهِـــــمْ
تُنازِعُ عُمـــقَ مَوطِنِهَـــا وِقـادَا ؟!
نَـوِدُّ العالَمـــــينَ و كُــــلُّ حَـــــيٍّ
وَدَدنَا باعَـــنَا بَخْـــسَاً و عَـــــادَى
فَــــلا عُـــرِفَتْ لِتارِكِــــــنَا دُروبٌ
و لا مَـنْ عافَــنَا بِالأَمـسِ عـادَا ..