أينَ ذهبتَ يا حسَنْ
ذاكرتي تؤلمني ..يشتدّ فيها ما وهَنْ
طريقُكَ الأخيرُ من غيرِ فزَعْ
قدِ انتهى كلُّ الوجعْ
ها أنتَ تمشي خافقاً بلا زمَنْ
ها أنتَ ترمي حطّةَ الأيّامِ والعقالَ والقلبَ الذي..
إن ضاقَ لحظةً؛ هوى ..ثمّ انزوى
وعادَ عاد واتسَعْ
ها أنتَ من غيرِ مِحَنْ
من غيرِ عضّةٍ على أصابعٍ
من غيرِ (جَحْرةٍ) طويلةٍ بنا
تمضي لباسُكَ الكفَنْ
هذا البياضُ لعنةٌ
كيفَ البياضُ يستقيمُ وصلُهُ مع الذي
أمامَنا قد انقطَعْ؟؟
يا ربُّ إنَّهُ حسَنْ
كانَ هنا قبلَ قليلٍ غاضباً
يقولُ لي: اينَ اختفيتَ يا ولَدْ؟
كان يقولُ هازئاً:
( ودّكْ لحالَكْ) تُصلحُ العبادَ في هذي البلَدْ ؟
وحينَ زارني على شِباك سجني قال لي:
آهٍ و آهٍ ( لو أطولَكْ لو أطولَكْ.. لو أطولَكْ ) يا وَلدْ ..!
كانتْ يداهُ ثورةً ..عاصفتينِ من قيامةِ العَلَنْ
لكنه أخفى دموعَهُ بغيمةٍ تسابق الحزَنْ
ثمّ بكى ..ثمّ ارتَبَكْ
ثمّ ضَحَكْ
ثم (فَرَدْ)
وقالَ : هل تريد شيئاً يا ولدْ..؟!
هذا حسنْ
ربُّ الغبارِ والصفاءْ
ربُّ الهدوءِ والشقاءْ
ربُّ الشجَنْ
**
يا عمُّ ؛
يا مَنْ كنتُ منهُ أهرُبُ
يا مَنْ إذا لمحْتُهُ ؛
وسْط الصغارِ أولّي مدبراً لا ألعبُ
يا مَنْ أخافُ ظلَّهُ
وظلَّ ظلِّ ظلّه
يا مَنْ عليه الانَ أبكي ؛ أنحبُ
إني سمعتُ طائراً يقولُ في نوحٍ لطائرٍ
لماذا هكذا ومسرعاً
فوراً تغادرُ الوطنْ؟!
قال له : هذي الديار لم يعد بها حسنْ
مات حَسنْ
ماتَ حَسنْ
**