إذا جاء الفجر لا يستأذن أحدًا، والغروب مهما طال، لا يحول دون الشروق، والفجر سينشقّ عن شروقه.
وهل اسشتراف المستقبل هروب للأمام من استحقاقات الواقع، وطبيعة المرحلة؟.
بادرني هذا التساؤل منذ أوّل صفحة قرأتها في مسرحية (فلستيا) للدكتور (حسام العفوري).
عنوان لافتٌ بدلالته التّاريخيّة. فلستيا: هو مصطلح عبريّ توراتي للإشارة إلى جغرافيّة أرض الأرباب الخمسة الفلستيّون في العصر البرونزي ١٧٧٥ ق. م.
تشمل كلّ من (عسقلان، إسدود، عكا، غاث، وغزة) ، في جنوب غرب بلاد الشام.
وفلستيا هي أصل كلمة فلسطين. القضيّة المركزيّة للعرب والمسلمين على حدّ سواء. والعمل المسرحيّ الذي نحن في رحابه (فلستيا) عمل أدبيّ استشرافيّ للمستقبل، تكون فيه عزة العرب والمسلمين، وزوال الخارطة الحاضرة، وإعادة تشكيلها في دولة عربية تمتلك قوّة عسكريّة تستند على التقنيّات المتقدّمة. وهو ما عبّر د. العفوري (الرقمطيفيّة)، مصطلح نحته للدلالة على التقدّم العلمي والتقني.
وفي الإهداء نستجلي رسالة المسرحيّة المخلصة في أهدافها لمصلحة الأمّة:
(إلى كلّ المصلحين.. ارفعوا من قيمة الإنسان). خطاب العقل للعقل.. والضمير اليقظ للضمير الحيّ. فالإنسان هو مادة وقوام الحياة بما وهبه الله من عقل.
*
المسرحيّة (فلستيا) أبدعت في قراءة التّاريخ بوعي متتبّعة المستقبليّات من خلال ما ورد من قصص الفتن والملاحم في آخر الزّمان مترافقة مع تفتّت بيضة الأمّة، وتكالب الأعداء عليها، وظهور الدّجّال والمهدي.
ومن خلال شخصيّة السّفياني ذات المدلول التّاريخيّ، بمرجعيّته الأموية القرشيّة. ويظهر من الاسم أنّه من سلالة أبي سفيان زعيم مكّة. والأسرة الأمويّة المفترى عليها، قدّمت فرسانها ومحاربيها؛ ليكونوا قادة جيوش الفتح.
وفكرة السّفياني جاءت في زمن تاريخيّ بعيد عن عصر الرّسول صلى الله عليه وسلم، في ذروة الصّراع بين أتباع (الحسين بن عليّ) و (معاوية بن أبي سفيان) على الحكم.
*
(فلستيا) مسرحيّة تُقدّم رؤية جديدة مستقلبيّة حافلة مُشرّفة من خلال (جمهوريّة فلستيا).
وبتقاطعاتها مع اختلاطات الماضي بالنسبة لزمن المسرحيّة، وهو حاضرنا وما سبقنا بسنوات.
وتلفت النّظر لرمزيّة أسماء المدن، دمشق وبغداد وحمص والرّملة والقدس وكاترينا. وهي التعبير التاريخي لاسم (فلستيا).
وفي سياق دراميّة المسرحيّة بأزمنتها وأماكنها المُتسارعة بقفزات ربّما تكون مُبرّرة بغطاء التقدّم التقني لجمهورية (فلستيا).