ويسألونني عن لغتي / بقلم : الشاعرةآمال القاسم

ويَسْألونني عن لغتي الحُبلى بالأقمار :
قلتُ : هي من عندِ اللهِ .. أرْديةٌ ألقَتْ عليَّ دثارَها، وتَقمّصَتْني لأواري بها أوزاري وسَوْءةَ فلسفتي ًوأفكاري ….
هي ماءٌ مقدّسٌ انْحدرَ من عُروشِ السّماءِ سُلافَ كوثَرٍ، إلى وادٍ طواهُ عبقرُ في دمي، أخيطُه لأبنيَ شُطآني ومدائني وحضارةً من الكلمات ..
ولعلّها غناءٌ سماويٌّ ووحيٌ وسحرٌ، أهُشُّ به على طلاسمي وفحوى رُؤاي، أو لعلها أنجُمٌ وبعضُ أحلامٍ خُضْرٍ اانفجرْنَ رحمةً بي في تدلُّهي لها وهُيامي بها ..
هي حليبُ أمي، ونسبُ أبي، ودينُ جَدّي، وفحوى ميراثي، وهُويّتي، ونواةُ الضادِ في ضميمِ أضلعي .. ووطني ومنفاي، أركضُ بها منذُ أمسي لأبيتَ فيها خارجَ ذاتي ..

إنّها لَعَمري _ مُعجزةٌ تَغْتالُني وتَحْتلُّني، وأطّوّفُ بها في فمي ؛ بقُطوفِها وعنّابِها وأرطابِها، وأسافرُ برحيقِها إلى ألقِ المعنى المسجّى .. لأُلقِيَني على كَتفِ منتهاها طفلةً يَعربيةَ المَسْرى .. تُكوِّرُني فصاحتُها ويُناغي رَضاعتي الأولى صهيلُها الفطريُّ، المغموسُ باللّهَبِ .. طفلةٌ تُعَلِّلُ الحرائقَ والمواجعَ باللّعِب .. كلما اكْتَوَيْتُ فيها بين جمْرٍ وخمْرٍ ، عاثَتْ بِي كؤوسُها الحرّى التي لا يَسَعُني إلّا الْهُروبُ إلى لُحونِها من أثرِ الهوى.. فتَجْنحُ بي إلى نُطفتِها لتَعزفَ روحي على عُودِ وَجْدِها تارّةً، وتَهْجَعُ بفؤادي على أنّاتِ حُسْنِها تارّةً، وتُرتِّلُني على أعْطافِها وألطافِها، فتُدَوْزِنني في منظومةِ متناقضاتِها ثالثةً أخرى ..حتى أُدركَ كنهَها المُموسقَ السّابحَ في نُسُكي ووجودي وفَنائي ..!

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!