هيا معي
الخراب لم يزل قائما
مذ رفعت ريشتك عن هذه الجدارية
وسلمت الألوان والمساحيق
لأول عابر
كسول كشمس كهيك
خانه التمييز بين الكتلة والفراغ
بين الفقراء وظلالهم المنكسرة
بين بائعة الفجل التي تجري علي كومة من الأولاد والأحفاد
وبائعة الهوي التي يرتفع رصيدها
كلما ارتفعت ساقاها .
الخراب ابن الفقر البكريّ
فلماذا جعلته يتوسط اللوحة ؟
ويمد أذرعه في كل الاتجاهات
كأخطبوط .
لماذا تركته يواقع الطيور الأليفة
ويكسر مناقيرها الغضة
يقتات علي كسرات الفقراء القديدة
وأحلامهم التي تحاذي أقدامهم ؟ .
هيا معي
بفرشاة غير الفرشاة
وألوان غير الألوان
فربما نستطيع انقاذ هذه الفريسة
بتبديل الأدوار مثلا
فماذا سيحدث مثلا
اذا استعرنا الخضرة للبحر
والزرقة للشجر
وصرة الدنانير لليتيم ؟!
ماذا سيحدث مثلا اذا صار السيد
شحاذا لبعض الوقت
والعاهرة راهبة ما تبقي لها ؟! .
أو صيرتني نهرا يداعب العطش ؟ .
هذي بلاد أكلها القحط
وتلك بلاد أكلتها الحرب
وهذا ظلك يكتوي
امام ناظريك بلهيب الأسئلة
وفراق الآحبة ،
يختمرالوجع بين أحشائه
حتي لا تستوعبه قصيدة ،
وتأكل الطير من رأسه حتي
يبيت علي الطوي ،
وينام ملتحفا بسره
وممتطيا صهوة أرقه .
السماء بعيدة جدا
عن الجدارية التي رسمتها ،
عن الشيب الذي اعتراه
والرصيف الذي يتجاهله
والسؤال الذي لا يستطيع وأده
والأيام التي لم ير أثر تداولها بين الناس .
هيا معي
فقط اخلع عنك حلتك التي لا لون لها
حتي تري الألم متجسدا فوق وجهي
والبؤس علي واجهة البيت
والدعوات المكدودة التي ترصف الطريق اليك
حتي تري أمي التي غافلتني ومضت
مثل شمس طوبة دون وداع ،
واليتيم الذي تشقق وجهه من صفعات الأبواب ،
وصلف السادة
والعصافير التي هجرتها الزقزقة .
حتي تري طابور الخبز الواصل اليك
وطابور الغاز والماء والكهرباء
طابور الغرباء علي لوحتك الرقمية .
العازفون أرهقهم العزف
وتداخلت النغمات
حتي بات اللحن ضجيجا
بينما غادر المايسترو القاعة
متأبطا صمته .