تقاسيم على ربابة الريح/ شعر : الشاعر / سليمان نحيلي – سوريا

أَوَهكذا انتهينا ؟!
منارةً على شاطئ ٍ منسيٍّ
لاتنتظر ُ المراكب َ
وشوارع َ تمشّطها الرّيحُ والوحشة ُ
وأنين ُ خُطا الرّاحلين ..
قلبي تهدهدهُ الجراحُ
ووصايا الرّيحِ في ستِّ الجهاتِ من أوّل شهقةٍ للحبر على ورق القصيدةِ
حتّى آخر القلب ِ
عند منعرجِ النّبض ِ
وحطامُ الأمل ..

****

هل كان مابيننا حُبّاً؟!
– مازلتُ أسأل نفسي-
مضى عامٌ
أذكرُ الآن أنّا افترقنا
فكم فراق ٍ يطوي فراقكِ الوحيدَ
وكم موتٍ؟!
أنت ِ أدرى …

أمشي ولا شيء غيرَ الرّيح ِ تضمّني
في مهبِّ الشّوارع ِ المضرّجة ِ بخطانا
غيرَ الذّكريات ِ وقد صارتْ: حكمة َ
الأماكنِ
تُردّدها الأماكن ُ عن ظهر ِ حزنٍ على مَرِّ الغياب ..
أمشي الشّوارعَ على خطاها تلكَ الرّسولة ُ
فتراودني الأرصفة ُ
وليلُ الحارات ِ العتيقة ِ
ومصابيحُ الشّوارع ِ وقد شرعْتُ أُهجّي بضوئها سطور َ المطر ِ
على دفتر السّماء..

===

اليومَ أسهرُ ياوجعي
معي عامُ من غيابٍ
وقلمي
ودواهُ حزني
وكأسٌ أُغري به القصيدةَ
الّليلةَ ..أسهر ُ وحيداً
أدخلُ صومعة الّليل ِ
بلا حبيبٍ يشاركني نخْبَ السّهر ِ والنّجومِ ..
بلا حبيب ٍ يربتُ على كتفِ القصيدة ِ كي تفيق َ من سَكرة ِ الغيب ِ
الّليلةَ أُطفئُ عاماً منَ الياسمين ِ
وأُشعلُ عمراً من رمادي
فاحترف ْ طبع َ البنفسجِ ياقلب ُ
وأَعرني مفاتيح َالبكاءِ يايمامُ
فلا شيء اليومَ
غير َ الشّعر
غير الكأسِ – بعدغيابكِ- يردمُ خوائيَ
ويُعيدُ للعصافير على أغصان ِ القلب زقزقتها
ويُرمّم ُ شيب َ الرٍوحِ والأوراق ِ
ويُرضي شهوة َ الحبِّ والحبرِ للحرفِ
الليلة َأسهرُ ياقلقي ..ياتعبي
ياجوعَ البداية ِ عند انفلات ِ المسافات ِ لقمحِ الوصولِ
يا أُمنية َ النّهر ِ الأبدية ِ بقيلولة ٍ على الضّفاف ِ
الّليلة َ أسهر ُ،
وأُغسّلُ بالغياب ِ روحي وأبكي
و أرتدي غيم َ الحنين ..

===
الّليلةَ أسهر ُ وحدي
أُؤجّلُ بسُكّرِ الذّكريات ِ موتي قليلاً
كي أُكْمِلَ الخريف السّابع َ من حزني
وأنادي على القصيدة وعليك ِمن شاهق ِ حبري وجنوني
فتخذلينني أنت ِ
وتبقى القصيدةُ شاهدة ًعلى سهري
ويضيع ُصوتي في رمل ِ المسافة ِبلا صدى ..
فهو الموتُ
هو الموتُ :
أنْ يجفَّ حبركَ عند ارتعاشِ القصيدة ِ
فتظلَّ تحت رحمة ِ الخواءِ
أنْ يُداهمكَ فراقٌ أوانَ الموعدِ المشتهى
فتبقى القُبَلُ على الشّفاه ِمحنّطةً بماء الحسرة ِ
أنْ تجمدَ يداكَ عند الوداع ِ
آنَ تغلي في عروقها شهوةُ التّلويحِ
وهو الموتُ أن تبقى كالإله مفرداً
بلا أنثى تهرهرُ لكَ من بساتينِ شفاهها
أَكمام َالياسمين ِ كلّما طابَ اللقاء ..

===

فهل خُنّا الحبَّ يوماً
حين تواطأْنا على الفراق بمحضِ إرادتنا
فكانت مشيئة النّدم ِ أن نبقى على حافّة البكاء ِ قرناً من الدّمع ِ؟
وهل خُنّا الرٍبيعَ وفيروزَ
حين ارتضينا أنّا كأوراقِ الخريف ِ
لانصلح ُ سوى للرّيحِ والحسرات؟

وهل خنتُ النّدمانَ
حين كفرتُ بالصّحوِ
وسكرتُ من أوّل ِ كأسٍ وذكراكِ
وتركتهم يعيثونَ في أرجاء السّهرِ
خمراً
وصخباً
وأغنيات ..؟

وحدها الطرقات
وحدها الطرقات
تقتسمُ الذّكرى معي
وتجرُّ على ربابة ِ الرّيحِ والغياب ِ
لحن َ الحنين ..
===

 

 

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!