بقلم : أحمد محمود دحبور
أيطفئون النهر ..
ناطور الأمل أشبه بعود أكلته دابة الأرض، نجمه ضرير
فرح أصاب أعراس المشكاة
أيكون من الناجين
لوثة تفرش البحر رخواً
رغيف محبوس في ثقب ناي
أي جرح هتم عذرية اللبُ
أيسقط من صراط الضيم
لا شروق يشكل الضوء
تراجيديا تنظم الفجر
ريح “يوسف”مكسور في قعر لجه
ودق البشارات يوزع نور الحياة في جوف الليل
نحن هنا أمام نص شعري نثري عبارة عن خلية مسكونة بالأسئلة والقلق الممضّ والإيحاءات التي تشير الى تلك الفجيعة الفردية والجمعية المحملة بالمجاز عبر اول كلمة تم اسقاطها وتأويلها ، فالشاعرة بسمة ألق تبدأ باداة استفهام محملة بالسخرية الصارخة والتي تحمل شحنة اسطورية متوهجة تفتح ذاكرة المتلقي على علائق الأحداث وتفاصيل الجرح عبر تناص موفق مع سيدنا يوسف وودق البشارات، فالنهر هنا أكثر من ماء ومن انطفاء، بل كان رمزا غزير الدلالة يقتنص من جسد النص ليتدفق باحداثيات من الواقع الفردي اليمني والجمعي العربي والكوني بنبرة حادة ولغة واخزة رامزة ودالة، تتجاوز برودة البحر الرخو وسطحه الاملس الكثيف ليفجر ما تختزنه ذات الشاعرة من ضوء وشروق في زمن العزلة والانكفاء الجمعي للأمة وساستها. عبر لغة شديدة الإماءات يسكنها القهر الإنساني حتى الأقاصي.
شاعرة استطاعت ان تربكنا جميعا وهي تشحن نثيرتها بالأسئلة المتسارعة والاستنكارية مشوبة بالحيرة والقلق والأنتظار : أيطفئون النهر
أيكون من الناجين
أي جرح هتك عذرية اللبّ
ايسقط من صراط الضيم ؟؟؟
ومن خلال شلال هذا الكم الوفير من الأسئلة ترتفع بسمتنا الى ذروة وجدانية عالية وحركة صوتها عالٍ متفجر ومتمرد ومغامر .
ان ما تفعله القايد ليست لعبة مجانية ،بل هي أحد مقومات الرؤيا والرؤية وعجينتها الحارقة برغيف محبوس في ثقب ناي ، أيسقط في صراط مستقيم ؟!
انها تجسيد لعذاب النفس وضغوط الحياة وانكساراتها وخيباتها نسج على شكل شعري تتحول فيه الأشياء والافكار الى طينة تتسع لتراجيديا تنتظر الفجر والى ودق البشارات الذي يوزع نور الحياة في جوف الليل.
لغة بسة ألق لغة حادة تمشي على حواف السيف ، ومزاجها نافرا.
نحن هنا امام قصيدة الصورة والمشهد المشتبكان بوجع الروح والترقب والحذر.
شاعرة تزرع من صخر يمانها النثر أزهارا مترفة رغم حدة الألم الذي لا يهدأ، عبر صخب يلهب نار الحرف ويعزف على وتر الجمال شكلا ومعنىُ ، هي نثرية البشرى والأمل والتأمل والشحن الحار البليغ والمتصل بالمجاز والبلاغة والرؤى المتشابكة …نص يستحق الحياة لانه يكتبنا يوجعنا بوركت ايتها الابنة الماجدة