إخلاص فرنسيس الأديبة اللبنانية من قرية علما الشعب في الجنوب اللبناني.
عاصرت الحرب اللبنانية، وأثّرت فيها تأثيرًا شديدًا، وهاجرت لأمريكا عام ٢٠٠٤
تعمل بالتعليم بأمريكا.
عاشت تحت أزير الرصاص وصوت المدافع في أثناء الحرب.
نشأتها:
كانت في فترة الحرب اللبنانية التي عاصرتها طيلة ٢٥ عاما، خطفت منها سنوات طفولتها، طفلة ٨ سنوات نشأت على أزيز الرصاص وهدير المدافع وأخبار القتل والتهجير والصراع والتشرذم بين أبناء الوطن الواحد.
كانت الطبيعة ملجأها، لكنها حرمت منها للأسباب الأمنية آنذاك، صراع الكبار على أرض الوطن خطف منها الحلم وأجمل سني المراهقة، حتى مقاعد الدراسة خطفت منها خلال تلك المرحلة، وكانت المدارس تغلق أبوابها لفترات طويلة حين تحتدم المعارك، ولم يبقَ من تلك الطفولة سوى ألوان الفراشات وهدير البحر وهواء الصنوبر يدغدغ مخيلتها، وكبرت، وحملت معها ذلك الحلم الملوّن بقلم الرصاص وأجنحة الفراشات.
أحلامها:
لم تتخلّ عن حلمها في الكتابة، مارستها خارج الوطن، وكانت الكتابة الملجأ الجديد الذي تلجأ إليه والوسيلة للتعبير عن الذات، ودواء مارسته حبًّا وعشقًا.
ما كان يشغلها دائمًا المناداة بالحريات العامة وخاصّة حرية المرأة في المجتمعات العربية، فمازالت تخضع لثقافة ذكورية، لذلك بدأت رحلتها بالتعرّف إلى نساء من مختلف أقطار العالم العربي والأجنبي مما ساعدها ذلك على إبداعها وإنتاجها.
لقد تميّزت الكاتبة إخلاص في روايتها “رغبات مهشّمة” بذلك المزج ما بين الشعر والنثر والذي اعتبره النقاد تحدّيًا للمألوف وجرأة منها في ولوج ناحية أدبية تكاد نادرة في كتابة الرواية.
عن نفسي أقول
خاطرة في قلب الحلم، حبّ الحياة والجمال صومعتي
فلسفتي بنت الحياة أنا
أخطاؤك وخطاياك لن تقتلني، الإرادة دائماً حيّة خضراء عندي
شكيمتي لا تلين، وعقلي يأبى الاستسلام، وقلبي نابض بالحب والحياة
المشاعر لا يمكن لأحد مهما بلغ جبروته أن يقهرها، ويوقف سيلها الهادر
أما الروح فهي طائر حرّ لا يعرف سوى الحرية، ولا يخضع للقيود
حياة، كلمات، حروف.. أطلقها على ذاتي
أما من أنا؟ فسؤال تصعب الإجابة عليه
أنا فكرة، وكلمة لم تكتمل بعد
الصوت والصورة بُعدٌ لكياني الإنساني، ولاكتمال الصورة
الفكرة الحيّة، والحرف الجميل الذي يخترق الروح، والكلمة الحلوة تبقى آثارها إلى أبعد مدى
لذا أكتفي بأن أكون فكرة وكلمة في كيان امرأة أحبّت الحياة برغم ما فيها من منغصات وآلام
أنا سليلة الحرب، انتصرت عليها بالحبّ
الحبّ جوهر الحياة، والإله الذي لا يُغلب
ولي من الإيمان ما يجعلني مُتيقنة أنّ لي السّما
.
إنتاجها الأدبيّ
ديوان شعر ” وأمضي في جنوني” (٢٠٢٠)
“مرفأ الحكايات” مجموعة قصصية قصيرة مشترك توزيع دار نبطي للنشر الإمارات (٢٠٢٠)
“على مرمى قُبلة” مجموعة قصصية مؤلّفة من ٢٨ قصة قصيرة. (٢٠٢٠)
إصدار دار يافا للنشر الأردن.
وتوزيع دار كنوز مصر.
رواية “رغبات مهشّمة” توزيع الأهرام مصر (٢٠١٩)
دار غواياتبيروت. (٢٠١٩)
دار يافا الأردن (٢٠٢٠)
ديوان شعر “حين يزهر الورد” كتاب الكتروني، عبارة عن حواريات غزل مع الشاعر السوري معروف عازار. (٢٠١٨)
كتب قيد الطباعة:
العشق المقدّس
يتناول ٢٠ شخصية من الكتاب المقدّس
“نفحات من العمر” مشترك
“كوفيد ١٩ الجائحة وظلالها تنويعات إبداعية بأقلام عربية”
مجموعة من المقالات والشعر وقصص قصيرة مشترك
“وطن النجوم” قصائد حب إلى بيروت ديوان شعر مشترك
“حكايات العمر” ديوان قصائد مشترك
بالإضافة إلى عدد من المقالات الاجتماعية والثقافية والقراءات الأدبية، تنشر في مواقع الالكترونية وورقية،
شاركت في العديد من الأمسيات الأدبية في عدة منتديات بالإضافة العديد من المقابلات التلفزيونية والإذاعية،
إدارة حوارات أدبية عبر المنصات الالكترونية زووم في عدة منتديات، تتضمن نقاشات وقراءات نقدية لعديد من الأدباء والمثقفين
جوائز تكريمية تقديراً للنتاج الادبي:
– جمعية الحفاظ على التراث المصري.
– جمعية الشبان المسيحيّة في القاهرة
– مؤسسة الأهرام القاهرة
اخلاص فرنسيس
الكرنك
يمشي بين أعمدة الهيكل، تتثاقل خطواته، أسمر، عريض المنكبين، شفة غليظة تميز بها أبناء النيل، إضافة إلى السمرة والروح الجميلة، ولكن هذا المساء كان يحمل على أكتافه أعمدة الكرنك بكل ما فيها من ثقل، وكان يجرجر خطواته نحو العتمة، وكأنّه يمشى في اللاوعي، في اللاشيء، عبير الورود اختفى، وصوت الليل وأنين النقوش الفرعونية على الجدران كانت شريطًا سينمائيًّا تحكي قصة أحدهم، مراسيم الأعراس، مراكب الموتى، أنين خفاش الليل، النّاي الذي يتهادى من المقاهي المجاورة كلّها مجتمعة، وكأنّها مركب تحمله الليلة الأخيرة الكرنك، الكلّ يأتي ليسمع قصّة ولادة العشق والحبّ، وما قدّمه العشّاق على مذبح العشق لعشّاقهم الذهب المرمر والرخام، والتاريخ حافل بهم، وهو متثاقل تحت أفكاره، ماذا يقول، وكيف يبادر نهاية الحلم، الكلّ في بداية الزمان، وهو وهي في نهاية الطريق، حاول أن يضحك، أن يسمعها نكاتٍ سخيفة، ليسمع ضجيج ضحكتها البريئة، كي يشرق النور على حياته، سماح قالت له: مهما يكنْ أزل عن كتفيك هذا الحمل الثقيل، وابعث روحك من بين هذا العويل، أيها الغريب، أعرف وتعرف، هنا أردت أن ننقش قصّة العشق في معبد الكرنك، ونختم عليها، ونستودعها صدور الأقدمين في صناديق من الغرانيت، أو الخشب لا يهمّ.
انحنى، وراح يكتب بصمت بإصبع الوجع على تراب الأزقة
عرفتك، ستكونين “لحن الخلود” في الكرنك
قالت له: تكلم
لم ينبس ببنت شفة
بل تنهّد وراح يدور في حلقاتٍ مفرغة
خافت، ارتعبت، ضمّها، فهدأت
تناهت إلى أذنيها أصوات أجراس الكنائس مع أصوات المؤذّنين للغروب، يفتحون الطريق أمام الليل كي يعبر
هنا قالت له: أريد أن أنام في باحة المعبد
لا، لا، بل على أعلى قمة فيه
أريد أن تتجانس روحي مع أرواحهم
أريد أن أرحل من هذا العالم الفظّ القاسي
وهذا الزمن الظالم
وجدتني حين وجدتك، عرفتني حين عرفتك، وهنا توقّف زماني، شامخة روحي كهذه الأعمدة التي تشهد حكايات الأولين.
لم يقل، لم يحكِ، بل تنهّد
وكالنيل دمعه فاض كما أيّام الحصاد.
ارتفاع منسوب العشق بدا، وغمره طوفان الشّوق قبل أن يرحل، والحنين أطبق على شفتيه، فصمت، وأصغت الى روحه، لم تردْ أن تخرجَه عن صمته بعد الآن، لأنها عرفتْ قدسيّة الصمت في معبد العشق، تناولت يده في راحة يدها، وطبعت قبلة على شفة الحلم، وسارت معه بين قصب السكر يدًا بيد، والخدّ على الخدّ، واختفيا عن الأنظار في أزقة الكرنك، يلفهما الليل وأساطير العشاق، نظرت حولي، فرأيتني أقف أمام جدار أعادني صوت مرشدي: هنا انتهت قصّتهم التي بدأت قبل تكوينهم أجنة في رحم الحياة، وشهدت هذه الكواكب عليهم، وكللتهم النّجوم برباط مقدّس، ولكن أرادا أنْ يُظهرا للبشريّة أنّ العشق هو الدين الذي يوحّد الأمّة، لم يجدا سوى الرفض والحرب والقمع والنطع، فقرّرا العودة إلى هذا الجدار، نقوش في ألوان من الجير والطوب، وقصّة عشق في جدران الكرنك لم ولن تنتهي.