كتب الشاعر والإعلامي
بسام الحروري / اليمن
يفتتح نص” تشابه “مقاربة وموائمة بديعة وتوأمة مابين الريح والروح بحيث تتقاطعان في الجنون والجموح
وبدون إيضاح وإبانة في المطلع يرصد الشاعر فيما ورائيات قصيدته البيئة الطبيعية الأكثر
رحابة وانفساحا لماراثون الريح
وهي الصحراء وهنا تبدو الريح وكأنها عابر سبيل أو مسافر/ غريب يضرب في بلاد الله وقد أطر الشاعر لوحته الماورائية بعدة سمات أهمها القلق والسرعة وعدم الهدوء بمعنى التخبط
في البحث عن مأوى أو مدينة تطل من خلف هذه الصحراء أو وطن أو حتى خيمة ليبلغ مأمنه
والتي ابتكرها الشاعر مسرحا للريح وعززها بسمات سينوغرافية نفسية ومعنوية وهي القلق والسرعة وعدم التوقف لتجسيد وإظهار غريزة البقاء وماينطوي عليها من غرائز أخرى فالريح هنا /الروح/المسافر في رحابة هذه الصحراء الفسيحة متخبطة في بحثها عن النجاة وتحكم غريزة البقاء
(لاتتوقف حين تثور)
وهي مشهدية رمزية وإسقاط يتقاطع مع تخبط هاجر زوج إبراهيم عليه السلام وينقل الذهن إلى تخبطها وسعيها بين الصفاء والمروة بصحبة طفل صغير في وادي غير ذي زرع بحثا عن الماء والحياة وهي بالطبع غريزة بقاء منداحة بين ثنايا المشهد
(لاتتوقف حين تثور)
والثورة هنا على الفناء
كمصير قد يواجه هذه الريح/ الروح إن هي سكنت إلى ذاتها
ولم تفتش وتبحث متخبطة بسرعة جنونية في عرض هذه الصحراء/ الموت عن أسباب البقاء وهنا انزياح عامل الزمن وسباق الريح في بحثها المشروع مع تسارع تداعيات هذا العامل المهم .. (تشبهني من حيث تسرعها /لاتتأنى أبدا/كرصاصة كاتم منطلقة)
(حين ادس شفاهي كالافعى
في شفتي امرأة شبقة)
لكن بالمقابل ينتقل الشاعر بهذه الريح الروح النزقة للبحث عن غريزة بقاء بأسلوبية موازية مواربة/ مباشرة
ألا وهي غريزة البقاء
الحب/ الشهوة /التناسل/ التكاثر حتى تضمن هذه الروح بقاء آمن يضمن تواجدها حتى بعد أن يضمها قبرها من خلال امتداد سلالتها التي زرعتها بفعل هذه الغريزة ثم يوازيها في ذلك تعالقات نصية دلالية غرايزية مشتركة بين الروح والريح
فكما تبحث الروح من خلال غريزة تضمن لها البقاء
من خلال التواجد السلالي فيما بعد .
فالريح تفعل الشيء ذاته حتى تضمن بقاء وديمومة وسيرورة سلالاتها جيلا بعد جيل
فتراها تدمر وتحرق كل المدن ليتسنى لها البقاء على شاكلة “أنا ومن بعدي الطوفان”
لكنها لا تدري بأن عمرها قصير حين يتلاشى صخبها وتتماهى زوابعها مع رمال هذه الصحراء ( فكلانا يستمتع جدا في حرب المدب المحترقة)
ولأن المسألة مسألة بقاء ستعلن الحرب هنا لتدمر الأضعف ليبقى الاقوى مستحوذا من خلال هذا الكم من التدمير وهنا إسقاط رمزي أخر وصورة تجتزء من أطار كبير يحوي فسيفساء من المنمنمات التي كونت الصورة الأم
وهو اشتغال جمالي رائع
ضمنه الشاعر وصفا مكثفا بدقة بديعة من خلال التلاعب وتحريك خيوط التشابه والأضداد أو بمعنى أدق الاختلاف في الوقت المناسب الذي يتطلبه ذلك التحريك على مسرح اللغة والاشتغال على عامل الزمكانية( الكرولوتوب) ليدير معركة الغريزة والبقاء عن طريق حشد صور التوأمة والمشابهة والمقارنة ورغم اختلاف بغيتهن إلى أنهمن عاشاتا بتقارب حد الالتصاق ودفنتا معا في قبر واحد كإشارة وإيحاء إلى هذا التشابه الذي قديلتقي ويتقاطع في الأدوات المعنوية والحسية لكنه بالمقابل يختلف في المطالب والبغية