أتشعرُ أنّك مرهقٌ جداً يا بني؟ متعبٌ من كلّ شيءٍ، وساخطٌ على كلّ شيءْ، هكذا تبدو لي، وعيناكَ الصغيرتان، تزيدانِ وهج حدّتكْ، كلّما اكتملتْ تلكَ العقدةُ الّتي تعلُو جبينك.
اهدأ، فأنا أستطيعُ أنْ أتفهّم غضبكْ ونقمتكَ على الحياةِ كلّها، وأنتَ تجلسُ كلّ صّباحٍ في هذهِ الزاويةِ المعتمةِ تحت مقهى الكمال، منْ هذا الكوكبِ الرمادي، تنتظرُ منْ يمرُّ من هُنا راغباً في مسحِ حذائهِ.تشعرُ بالأنكسار أليسَ كذلك؟ أو ربّما تشعرُ أنّك مطحونٌ في تلك الزاوية المعتمة، تشعرُ بالرّغبةِ في البكاءْ أو الصراخ، أنا أفهمكْ حقاً، لكنّي أفهمُ أيضاً أنّنا لا نختارُ ما نحنُ عليهْ، بينما نستطيعُ تغييرهُ بأيدينا مسْتقبلاً، أنتَ تبْنِي نفسكْ، فلا تسْتهنْ بكلّ الّذي تقُومْ به الآن.سيأتي اليوم الذي ستدركُ أنّك قدْ اردتيت ثوب الرجولة مبكراً جداً، وأنّ الطّفولةَ
الّتي حُرمتَ منها، ستعوّضُها برجولتك المكتملة القادرة على مواجهةِ صُعوباتِ الحياة، أنتَ تصنعُ من نفسكَ الآن رجلاً، وقليلُون جداً همُ الرجالُ على هذا الكوكبْ، يا صّغيرِي، لا تخجلْ منْ نفسكْ أبداً، فأنتَ الآن درسٌ للعالمِ كلّه، أنتَ درسٌ للعالمِ المغلف بالأنسانية الكاذبة وحقوق الطفل..