لصحيفة آفاق حرة
______
قراءة؛ بسام الحروري
يمتح نص خمس كرات للقاص
محمد عكف عن قضايا الطفولة والعلاقة مع الآخر سواء كان هذا الآخر ندا طفوليا أم حبيبا حميميا يعول عليه الكثير في رفد حياة الآخر بالمعطيات التي روضت وهذبت الشعور والعاطفة
وسمت بالآخر إلى حد قارب فيه حدود المثالية والسمو الإنساني في إطار العاطفة الجياشة وبأسمى درجات حميميتها الاوهو الحب
فمن خلال السياق الذي ساق الكاتب خلاله أنساقة المتداخلة في علائقها من نسق البيئة الأم وجسد عبرها هذه الحميمية المنساقة كتيمة أساسية وحاضنة تنداح في حضورها هذه العلائق المتجانسة والمتباينة في أبعادها السيكولوجية والإنسانية سيما مايتعلق ويتعالق بالحارة الشعبية البسيطة إلى شخوصها في ظل تباين حيواتهم واهتماماتهم ومايطمحون أليه
نسق البيئة
___
افتتح الكاتب نصه بعد حرف الجر( في) بصيغة الفعل التحدي على الشاكلة الإخبارية في (تحدٍ ) سافر للتأكيد على أهمية الموقف وجديته المنبثقة من خشونة البيئة وعنفوانها
وإن كان أدرجه الكاتب في سياق طفولي لايتعدى كونه لعبة بين صبيان فكان التحدي هو القيمة والإصرار والترميز لإثبات رهان الفوز بين هؤلاء الصبية الذي جاء مكللا بالحماس نتيجة المحاكاة والتقليد لأبطال كرتون الكابتن ماجد كمرحلة معينة في حياة الطفل والمراهق في تبني التحقيق الذاتي ومحاكاة القدوات وأن كان مجرد خيال كارتوني يتمحور حوله الجدال الطفولي لإثبات الذات وتحقيق المنجز المتمثل بالسيطرة والقوة والافضلية
يسرد التوصيف البيئي المكاني
من خلال (التبعيض) الذي قدر من خلاله الكاتب منازل الجيران وهي قليلة وقريبة من الطريق
والتناثر العشوائي الغير مرتب كما هو عادة البناء في الحارات العشوائية من خلال عبارة (مطلة على ملعب الصبية المفترض) وهو الطريق العريض الممتد بين تلك المنازل
كذلك تصوير عملية البحث عن الأحجار وكيفية وضعها بالتوازي ليتكون منها المرمى لاحقا وتجهيز الميدان كلها عوامل تتكون منها البيئة / الحارة
نسق الأسماء المتداولة في البيئة
_____
يتمحور التمييز للسمات الشخصية الطفولية من خلال الأسماء التي ابتكرها الكاتب أو انها قدتكون حقيقية في تلك البيئة وذلك لتشكيل ملامح الشخصية التي يتبناها تجاه حدث مناسب فمن خلال تضمين الاسم منير (الذكي) يتسق مع الشخصية التي ستصنع هذا الحدث أو الفارق وهو الفوز في نهاية القصة والذي سيعيد للفريق
مجده وكنزه الطفولي المتمثل في الكرات الخمس في نهاية القصة
ويفلح الكاتب من خلال المقاربة بين البيئة وشخوصها بتسميات وألقاب اقرب ماتكون متداولة بين سكان البيئة والحارة الشعبية وقد يكون قد استقاها من أحدى حارات مديرية زنجبار أبين مقر إقامته
وهو ما يضفي على الاسم أو اللقب المنسوب للشخص ذاته كأن يكون لقب متعارف عليه لدى عائلته أو نتيجة ماعرف به من سمات سيكولوجية ووجدانية أو جسدية حسية
مثل : ” منير الذكي ” وحارس المرمى السمين حسين فاضي، باسم عريض وباسل البعير
أيضا بمايتعلق بالآنسة فهيمة عبد الجبار المعروفة (بفهيمة جبارة)
واختصار الاسم هنا تفرضه قسوة البيئية وسطوة المكان التي تمليها تقلبات الطبيعية وشظف العيش وفوات قطار الزواج والالتحاق بركب العنوسة وهو ماأوحى به تصرف الآنسة جبارة وهو ما انعكس على سيكلوجيتها من خلال تفكيرها ولباسها وهيئتها المبتذلة بشعر منكوش وثوبها البالي المعقود حيث لم يسعفها المزاج لتخيطه ومنطقها الجارح برميهم بأقذع الألفاظ في تعاملها الفج مع الأطفال وإخفاء كراتهم وتهديدهم بالمكنسة التي هي عبارة صناعة من البيئة المحلية وهو سعف النخيل
نسق سجال الأقدار ومغايرتها والتعاطي مع الآخر بآلية أكثر نجاعة
______
يتراوح السجال في النص على اختلاف هيئاته وأشكاله مابين حسي ومعنوي
ومنح الكاتب مساحة بين كل سجال وآخر فسحة أمل وإعادة ترتيب للذات والإمعان في أسباب الخسارات ومآلاتها وانعكاساتها على النفس بتصوير سيكولوجي مباغت مارسه الكاتب بالاستعانة بالشخوص الثانوية في القصة وكذا تغيير آلية التعامل مع الآخر والمكان
وقد حاولت قولبتها في النقاط التالية :
1- والد منير الذي يرمم خسارة منير بعد خسارته في السجال الأول ووعده بشراء كرة جديدة له ولأصدقائه ونصحه بتغيير المكان/ الملعب حتى تتقلص خسارة اختفاء الكرات في منزل (الآنسة جبارة)
2- عودة الكرات دفعة واحدة بعد خسارتهم في السجال الأول
وعودة الأمل لدى الآنسة فهيمة
بعد يأسها في سجال الحياة والعودة إلى ذاتها وترميم مشاعرها بعد خسارتها في سجال الحياة السابقة قبل تغيرها للأحسن حيث كسبت السجال في ذلك
3- فوز منير وفريقه في السجال التالي بعد استئناف المبارة
4- الفوز بخمسة أهداف وخمس كرات وهو ماربطه الكاتب من خلال العنوان خمس كرات كنتيجة سعيدة لكل كرة من الكرات التي اختفت مسبقا فربط عدد الأهداف التي حققت بعد الكرات المختفية سابقا
5- تغيير آلية تعامل الآنسة فهيمة مع الأطفال من الولولة والصراخ والتهديد بأقذع الألفاظ مثل ( واااابن الذكية ، والله باربيك لوما يربوك أهلك ……..الخ )
إلى التعامل برقي ورقة وإيتكيت
من خلال ترقيق صوتها والإشارة لمنير بالدخول بدلا من التهديد والتحذير وتنبيهه بلطف إلى طرق الباب عند الدخول بدلا من التسلل من سور الحوش (ياكابتن منير الذكي ثاني مرة كن أطرق الباب)
وهو ماعكسه التصوير المباغت من الكاتب والذي بحسب له في سجال صورة الآنسة فهيمة من شيطنتها في السجال الأول إلى تغيير الصورة جذريا في السجال والنسق التالي بإظهار أنوثتها ورقتها وتجملها وجلوسها على كرسي بمسندين بعد أن كان ثوبها عتيقا معقودا من الصدر بطريقة تقليدية تحمل بيدها سعفة نخيل وتزبد وترعد
وهو انعكاسة طبيعية في سيكلوجيتها بعد أن عثرت على نفسها آخير وعلى شريك الحياة
ووقعت بالحب ماهذب مشاعرها وغير من تعاملها مع الآخر فبدت وكأنها أميرة تجلس بكامل زينتها على كرسيها الفخم بتسريحة جميلة وفستان أجمل وعطر يفوح منها للدلالة على جملة الهدايا التي تلقتها من الحبيب أو الخطيب
وهذا ماأشار له الكاتب في نصه وهي مشغولة بالنظر إلى شاشة الموبايل تطالع وردة حمراء🌹 وقلبا أحمرا 💓
فتحول السجال من خلال النسق الإجتماعي السيكولوجي من الشعور بمرارة الحياة عبر عامل اليأس إلى الانطلاق إلى رحابتها وفتح الأبواب للزائر الجديد الحب وهو ماعكسه احتفاء الآنسة الرقيقة فهيمة بالحياة المكللة بالحب برهافة المشاعر ورقة الإحساس في تحولها من أربعينية يائسة إلى فتاة عاشقة لكل ماهو جميل في الحياة
6- سجال نسق الجمال والقبح في صورة الآنسة فهيمة وانتصار الجمال في النهاية
7- سجال المقارنة وصراع الأجيال عبر تصوير ورصد الأعمار من خلال حوار الآخر الطفولي باالاكبر سنا وطريقة التعاطي مع متطلبات ومعطيات هذا السن عند الاطفال والناشئة
وختاما أحييك أستاذ محمد على حشد هذا التداعي في تصوير المتناقضات والمفارقات التي تستجلي قيمة الحياة وتضمينها عنصر الامل في إعادة مجرى الحياة بإرادتنا وعزيمتنا إن نحن حاولنا عبر سجالات هذه ومتناقضاتها وفرصها المتاحة.