لأنه الصحفي الأبرع أسندوا إليه تغطية حدث رياضي هام تستضيفه المدينة , قطع التيار الكهربائي عن جهاز التلفزيون , اسكت أصوات المذيعين التي تبوح بأسرار الحروب , تغافل عن آلاف الأطفال الجائعين والمشوهين , الثمار الطازجة لتلك الألاعيب , محا عن الشاشة صور فتيان الانتفاضة , وخبر ذلك الإرهابي المجرم , الذي أصاب بالأذى (المدمرة) البريئة , القادمة للتنزه على شواطئنا .
امتشق قلمه , تأبط أوراقه , أغمض إحدى عينيه , ثبت عينه المفتوحة على عدسة الكاميرا , وابتدأ بتسجيل دقيق للأحداث .
قفز اللاعب من فوق حاجز الغطس , دار دورة في الهواء , تكور بوضع جنيني , ثم مدّ ذراعيه باستقامة مع جسده وغطس تحت الماء محرزاً بطولة .
استخرج الصحفي الصور من ظلمة الكاميرا , تأمل الصورة ذات الوضع الجنيني , رأى رؤوس الجمهور وهامات الأشجار المسورة للملعب تحت القدمين , سجل بالخط العريض : إذا أردت القبض على البطولة , اجعل الرؤوس تحت قدميك .
في الصباح أعيدت له أوراق مشطبة بالأحمر , تحتها عبارة : هذا الموضوع غير صالح للنشر .
أخذها ومضى آسفاً لو أنه حضر بطولة السيدات لكتب : حين ترتفع السيقان فوق الرؤوس تحدث البطولة .
*****
استمرأ الصحفي اللعبة , ترك مهمته وجلس يستعرض الصور , عاد إلى الصورة ذات الوضع الجنيني , تأملها بانتباه جديد , علت قهقهته فسجل : حين يقرفص الأبطال يكون الجمهور جالساً بالمقلوب .
*****
تابع استعراض الصور , البطل يمد ذراعيه باستقامة مع جسده بعدها يغطس في الماء فيخفي عن النظر , كتب : حين يلمس البطل الأرض بيديه , لا يبقى منه سوى بقعة رذاذ .
تراجع خطوة , أعاد الكاميرا إلى الحقيبة المخصصة لها , علق سيورها الرخوة على كتفه وقرر فتح عينه المغمضة , والبحث عن البطولة خارج أسوار الملاعب