بقلم :سعيد فرحاوي
محمد علي الرباوي؛ شاعر مغربي؛ تهمه مجرد شوارع بلا افئدة تحتمي بالاشجار الحالمة الممتدة في عروق تحترق كل مساء. .
ج1.
ثقافة الاعتراف تلزمني أن اخرج هذه الكلمات من عمق صادق أتجاه رجل أعرفه كثيرا؛ وهو لا يعرفني. ماأعرف عنه أنه علامة مهمة وضرورية مفروض على كل مار من شوارع الشعر أن يقف عندما وإلا يكون قد اقترف خطأ تاريخيا في حق الشعر العربي عامة والمغربي على وجه الخصوص. هو علامة تاريخية في الشعر وجمالية في الكتابة؛ ورمزا موشوما بالاحترام في مجال تداول الرواد الذين مازال أثرهم يلازمنا كلما تكلمنا واستحضرنا الشعر والشعراء. المناسبة؛ ربماكانت هي فوز الشاعر بجائزة الشعر؛ سنة 2021.لكن الأعمق في نظري أبعد من ذلك؛ لأن الشاعر لا يحتاج إلى جائزة يشوبها الكثير من الأسئلة تكون السبب في استحضاره وتذكره. في نظري؛ ان ما دفع بالشاعر ان يكتب الشعر هو الشعر نفسه؛ والتاريخ ينصنف ويجعل من الكتابة حق ينصف الكائنات الحقيقية؛ فيجعلها حاضرة في كل الأزمنة؛ بعيدا عن عالم الجوائز والمجاملات؛رغم أن ذلك حق من حقوق كل فرد أعطى ما يكفي في مراحل مختلفة من حياته الإبداعية. هذا الكلام ينطبق على الرجل الذي تكلف ان يركب عناء الحرف ومرارة الكلمة؛ أقول هذا لأنني أتذكر كلام الفرزدق؛ الذي لم يفارقني كلما فكرت في الكتابة عن شخص ما؛ يقول بأن كتابة بيت شعري اهون علي من قلع ضرس. طبعا سي محمد الرباوي يجد نفسه في وضع اسهل عندما يريد قلع ضرس؛ ويتعذب أكثر عندما يفكر في كتابة بيت شعري؛ لسبب بسيط ان الكلمة والحرف؛ ربما البيت الشعري؛ كلها عمليات ترهق الرجل وتجعله في لحظات ولادة بالمفهوم البيولوجي؛ ومن أراد ان يعرف ذلك فليسأل محمد علي الرباوي الذي سيرد عليه بابتسامته الجميلة المعهودة كمايحكي عنه جل أصدقاؤه.
تذكير فيسبوكي
================================================
الـتُّهْـمَة
مَرَّ بِهَذَا الشَّارِعِ
فَارْتَعَشَتْ أَفْئِدَةُ الْأَشْجَارِ الزَّرْقاءْ
مَرَّ بِهَذِي الْمَقْهَى
فِي هَذَا الْحَيِّ الضَّائِعِ
فَامْتَدَّ الزِّلْزَالُ إِلَى
كُلِّ كُؤُوسِ الزُّبُنِ الزُّرْقِ انْكَسَرَتْ
كُلُّ زَرابِيهَا الْمَبْثوثَةِ
كُلُّ السُّرُرِ الْمَرْفوعَةِ
فَاحْتَرَقَتْ عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا
وَتَحَوَّلَ وَجْهُ النَّادِلِ مِرْآةً خَشَبِيَّهْ
**
مَرَّ بِهَذَا الشَّارِعِ (…)
مَرَّ بِهَذِي الْمَقْهَى (…)
مَرَّ بِقَصْرِ الْقَرْيَةِ
ذَاتَ صَبَاحِ عَابِسْ ـ
فَاتَّسَعَتْ قُبَّعَةُ الْحَارِسْ
هَجَرَتْ رِجْلَيْهِ عِظَامُهْ
كَالْآهِ عَلَى شَفَتَيْهِ انْكَسَرَتْ أَحْلَامُهْ
وَتَسَاقَطَ مِنْ عَيْنَيْهِ الْبَلَحُ الْحَجَرِيُّ
عَلَى خَدٍّ يَابِسْ
مَرَّ بِقَصْرِ الْقَرْيَةِ
فَانْدَسَّ بِأَعْمِدَةِ الْقَصْرِ الرُّعْبُ الْقارِسْ
**
دَخَلَ الْمَسْجِدَ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ﭐتَّخَذَ ﭐلْوَلَدُ الْمُرُّ مَكَاناً بِالصَّفِّ الأَوَّلِ كَبَّرَ حَيَّا مَوْلَاهُ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ يَمِيناً وَشِمَالاً خَلْفاً وَأَمَاماً. فَإِذَا الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَخْشَابٌ مُسْنَدَةٌ وَإِذَا الْمَقْصُورَةُ تَنْمُو أَعْشَابٌ مُتَوَحِّشَةٌ فِي سَاحَتِهَا فَانْتَشَرَتْ فِي بُسْتانِ مُحَيَّاهُ فَرَاشَاتُ ﭐلصُّبْحِ تَأَبَّطَ نَعْلَيْهِ جِهَاراً كَانَتْ بِالْبَابِ ﭐلْمُغْلَقِ عَاصِفَةٌ تَنْتَظِرُهْ.
**
يَرْحَلُ الْماءُ وَيَبْقَى الْبَحْرُ لِلْأَرْضِ سَجِيناً آهِ يَا أَيَّتُها النَّفْسُ ﭐخْرُجِي مِنْ َزَبِدِ الْبَحْرِ ﭐرْكَبِي مَتْنَ حِصَانٍ بِجَنَاحَيْنِ ارْجِعِي رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ثُمَّ ﭐدْخُلِي دَائِرَةَ الْعِشْقِ ﭐتْبَعِينِي فَأَنَا آنَسْتُ نَاراً علَّنا مِنْها سَنَأْتِي بِشِهَابٍ قَبَسٍ أَوْ عَلَّنا نَلْقَى عَلَى النَّارِ هُدىً هَيَّا ﭐتْبَعينِي وَاسْتَعِدِّي رُبَّمَا حَبَّكِ مَوْلَاكِ ﭐسْتَعِدِّي هُوَ إِنْ حَبَّكِ قَدْ يُلْقِي عَلَى ذَاتِكِ قَوْلاً ثَقِيلاَ.
اِسْتَعِدِّي لَا تَكُونِي خَائِفَهْ
اِسْتَعِدِّي وَاثْبُتِي حَتَّى تَهُبَّ العَاصِفَهْ
**
مُتَّهَمٌ أَنْتَ لِأَنَّ بِصَدْرِكَ نَاراً تُحْيِي أَشْجارَكَ ثُمَّ تُمِيتُ شُجَيْرَاتِ الشَّارِعِ مُتَّهَمٌ أَنْتَ لِأَنَّكَ تَحْمِلُ مَا يَزْرَعُ أَشْجَارَ الدَّهْشَةِ تَحْمِلُ مَا يَزْرَعُ فِي رُكَبِ النَّاسِ الرُّعْبَ ﭐلْقَاتِلَ هَلْ تَعْلَمُ يَا هَذَا الطَّالِعُ مِنْ سُنْبُلَةِ ﭐلْحَاصِبِ أَنَّا نَزَّلْنَا مَرْسُوماً حَجَريّاً يَمْنَعُ أَنْ تَحْمِلَ هَذَا الشَّيْءَ الْمُتَوَحِّشَ كَيْفَ تُصِرُّ عَلَى أَنْ تَحْمِلَهُ أَنْ تَرْسُمَهُ أَدْغَالاً سَوْداءَ عَلَى وَجْهِكَ. مُتَّهَمٌ تُهْمَتُكَ الْكُبْرَى: (…).
**
فَجْرَ هذا الْيَوْمِ أُمٌّ زَغْرَدَتْ فَارْتَعَشَتْ أَفْئِدَةُ ﭐلْأَشْجَارِ. أُمٌّ زَغْرَدَتْ فَامْتَدَّ زِلْزَالٌ إِلَى كُلِّ كُؤُوسِ الزُّبُنِ الزُّرْقِ جِهَاراً انْكَسَرَتْ كُلُّ الزَّرَابِي. زَغْرَدَتْ فَاتَّسَعَتْ قُبَّعةُ الْحَارِسِ.. أُمٌّ زَغْرَدَتْ فَانْتَفَضَتْ كُلُّ الْعَصَافِيرِ الَّتِي بَلَّلَها الْقَطْرُ صَبَاحاً. زَغْرَدَتْ أُمٌّ.. وَأُمٌّ تَنْتَظِرْ
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية