لصحيفة آفاق حرة
هاشم خليل عبدالغني
قصة ” الشال القرمزي ” للكاتب منير الجابري تحكي مسيرة شاب مكافح طموح ،يفكر بالهجرة من وطنه ، جاءت في اطار اجتماعي غرامي ، لكن الكاتب يركز على الدور الإنساني الوجداني الإقتصادي، من خلال الشاب اسماعيل العامل الكادح المكافح.
الكاتب والقاص “منير الجابري” عصامي التكوين. من تونس الخضراء ، عامل نظافة..نشرقصصه في عدة مجلات منها ،جريدة العراق ، مجلة الفردوس، مجلة القصة المصرية ،مجلة الإتحاف التونسية، كما نشر كثيراً من قصصه في عدد من المجلات الإلكترونية،عضو باتحاد الكتاب التونسين، له ثلاث مجموعات قصصية ، صدرت الأولى عام 2019م بعنوان( حكايات غرقى )والثانية عام 2020م بعنوان ( معزوغة لأصابع الماء ) والثالثة عام 2021م بعنوان (حكايات).
نص قصة ( الشال القرمزي) للكاتب منير الجابري ، ينتمي إلى الإتجاه التسجيلي الواقعي، حيث تناول فيه الكاتب بعض من قضايا المجتمع، وهي قضية( الهجرة بسبب الفقروالبطالة، وغقدان الحبيب ،والبحث عن مستوى معيشي افضل،استغلال العمال من خلال علاقات غير متكافئة بين العمال وارباب العمل ، التحديات والمشاكل التي تواجة المهاجرين في بلاد الغربة) ، ومن ملامح الواقعية فيها استخدام اللغة اليسيرة القريبة من لغة الحياة اليومية، وتصوير الشخصيات التونسية البسيطة في الطبقات المختلفة تصويرًا حيًّا واقعيًّا.
لا بد من الإشارة إلى أن ابتسامة المرأة ونظرة عيونها، لهما تأثير كبير على الرجل ، تجعله عاشقاً لها ،فينتج عن هذا التأثير ما يعرف ” بالحب الصحي “ فالحب الحقيقي كالسحر يؤثر على الإنسان ويغير نظرته للحياة، ويجعله يحيا من جديد ، وهذا ما أكده الإمام ابن عيينه بقوله: “والبشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين ” .. كما أكد هذا المفهوم الشاعر والفيلسوف طاغور: ” : في ابتسامة المرأة، عظمة الحياة وجمالها ،وفي عينيها دهاؤها وعمقها” .
هذا ما نلمس تأثيره بكل جلاء وضوح في قصة ( الشال القرمزي) للكاتب والقاص التونسي منير الجابري .. التي سنلقي الضوء عليها في هذه المقالة المتواضعة .
الشخصية الرئيسة في القصةوعمودها الفقري”اسماعيل ” شاب عُرِفَ بإبتسامته الدائمة ، كما اشتهر بتفانيه وحبه لشغله٠أوقعته ظروفه فريسة بين مخالب الدهر ،يعمل في مصنع لدباغة الجلود ، انهكه العمل ثم جلس يدخن ، واسند ظهره الى صندوق ملقي بالقرب منه، توفيت زوجته في حادث مؤلم ،لقد قدم منذ سنوات من إحدى دول جنوب الصحراء الى المغرب، وهدفه السفر إلى أسبانيا ٠بحثاً عن فرصة عمل أفضل .
الشخصية الثانية ” ذات الشال القرمزي ” فتاة ذات جمال فتان ..واسعة العينين جسمها ممتلئ ،ابتسامتها ساحرة ،ووجهها مشرق ، عندما هم اسماعيل بمساعدتها على الوقوف ارسلت له رسالة جريئة ، من البهجة سرت في جسده . رسالة بداية التخفف من حدة الضغوط والمشاعر السلبية ،وبدأ التغيير الذي حقق قفزة عاطفية هائلة في دماغ اسماعيل وجعلته يقع في حب عميق .
الشخصية الثالثة ” حارس المصنع ” تربطة علاقة خاصة مع اسماعيل، شخصية بسيطة ، يتمتع ببعد نظر وسعة أفق ، دار بينه وبين اسماعيل حواراً حول الهجرة وأسبابها، وسرد له قصصاً مأساوية حدثت مع كثير من المهاجرين، منها : الغرق وضياع الأسر وإستغلال النساء جسديا ،أما الشخصية الرابعة ” صاحب المصنع “فدوره محدود في القصة .
- وحدة الحدث:
استطاع الكاتب الراوي أن يحقق لقصته القصيرة ( وحدة الحدث )… بُنيت هذه القصة في ” مدبغة للجلود “عرض فيها الكاتب لحالة اسماعيل النفسية القلقة الحزينة ، تمثل ذلك في احداث مستجدة غيرت طريقة تفكيره ، واهدافه بالهجرة ، منها الفتاة ذات الشال القرمزي ،التي احدثت اختراقا كبيراُ في جدار تفكيره ومسار حياته ،بجرأتها وقوة تأثيرها … ومنها ايضاً حارس المدبغة ،الذي كثيرا ما تحاور مع اسماعيل حول الهجرة وتبعاتها المأساوية .. وعلى اثر هذه الأحداث بدأ اسماعيل حوارا ذاتيا ، كيف اتخلص من هموم الماضي، لا بد من الفرار من سجن الماضي ، مفكرا بما قاله الحارس ،وبدأ يفكر بالتخلص من فكرة الهجرة ،والنظر للامام ، ووجد ضالته بالتقرب من ذات الشال القرمزي .
وحدة الزمان والمكان :وهو مساء أحد الأيام ولا تتعدى فترة أحداث القصة ساعتين أو ثلاثة ،و تمت احداثها في مكان واحد وهو مصنع دباغة الجلود.
استطاع الكاتب الراوي أن يحقق لقصته القصيرة ( وحدة الحدث )، بُنيت مداميك هذه القصة في ” مدبغة للجلود “عرض فيها الكاتب لحالة اسماعيل النفسية القلقة الحزينة ، تمثل ذلك في احداث مستجدة غيرت طريقة تفكيره ، واهدافه بالهجرة ، منها الفتاة ذات الشال القرمزي،التي احدثت اختراقا كبيراُ في جدار تفكيره ومسار حياته ،بجرأتها وقوة تأثيرها … ومنها ايضاً حارس المدبغة ،الذي كثيرا ما تحاور مع اسماعيل حول الهجرة وتبعاتها المؤلمة وعلى اثر هذه الأحداث بدأ اسماعيل حوارا ذاتيا ، كيف اتخلص من هموم الماضي، لا بد من الفرار من سجن الماضي ، مفكرا بما قاله الحارس ،وبدأ يفكر بالتخلص من فكرة الهجرة ،والنظر للامام ، ووجد ضالته بالتقرب من ذات الشال القرمزي . .
لغة القصة 🙁 اسلوب السرد) بلغة وصفية حكائية، صور الكاتب احداث وشخصيات النص ،بألفاظ موحية معبرة عن المكان والزمان ،كما امتلك الكاتب مقدرة فائقة على تصوير الشخصيات بأسلوب أنيق متوازن ،وجمل قصيرة موجزة قادرة على التقاط التفاصيل الدقيقة الخاصة لكل شخصية ، وبينت السمات والملامح المميزة لكل شخصية ، دون تحديد اسمائها… بالإجمال كان السرد متوافقاُ مع أحداث القصة.
(اسلوب الحوار): سيطر اسلوب الحوارعلى نصف القصة الأخير،وقد جاء بعض الحوار جاداً ومثمرا، حيث أنطق الكاتب كل شخصية بما يناسيها ، كما كشف الحوارعن امتلاء نفسي ورغبة في التغير ، فالكاتب نجح في استخدام السرد والحوار وخاصة حواراسماعيل الداخلي في نهاية القصة حيث طرح الماضي خلفه وانطلق بقوة نحو حياة جديدة .
يمكننا القول إن قفلة القصة عفوية غير مصطنعة، أحدثت توترا وانفعالا وتأملاً ، فالحب منح اسماعيل أملا في الحياة وطاقة ونشاطا لا ينفذان ، وأكدت القفلة على أن الرجل يعشق المرأة خفيفة الظل المرحة ، فلضحكتها تأثيرعلى الرجل تنعكس عليه بشكل إيجابي ، فتجعله منجذبًا لها عاشق لضحكتها وابتسامتها الدائمة.
لاشك أن الكاتب قدم عملا ادبياٌ راقياً، واجتهد أن يخرجه بشكل لآئق ،لذا يستحق التقديرعلى هذا العمل الممتع ، والذي يعكس واقعا عشناه ولمسناه في بلادنا .