آفاق حرة
جاء التجديد الرومانسي للصورة بسبب أن الصورة الكلاسيكية صورة حسية عقلية جامدة تفتقد الخيال المجنح الذاتي ، فهي ترصد الحركة المادية في الواقع وتنقله بحرفية ” مباشرة” دون تغلغل في جوهر الأشياء بحيث تلامس أعماقها وأسرارها.
قال امرؤ القيس”
وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتلي”
فالواقع الموج والليل والبحر
تعددت الصور الواقعية الحسية دون تغلغل في جوهر الذات بل أن الذات قالت كل تلك الوقائع جاءت لتختبر صبري وتجلدي
فالخيال مرتبط بين الواقع والذهن بلا تلامس للذات
ولذلك يقال عن الصورة التقليدية جامدة باردة فيها فيها الذات عن منفعلة وغير فاعلة
ويقالعنها صورة تزيينية مزركشة
بينما الصورة الرومانسية صورة عاطفية لاعقلية ذات بنيان عضوي يمتد في مطرد بواسطة لغة سهلة تعتمد على ظلال الكلمات ودلالتها الكلية والفرعية وتغوص في جوهر المكنونات
بل الصورة الرومانسية نتاج الخيال ووليدة اللحظة الانفعالية وتمتاز بالفردية والذاتية فالصورة معبرة عن الذات وتبتعد عن النماذح التقليدية الجاهزة مع ترك دور خلاق للطبيعة والتمازج معها والاهتمام بالرمزية
قال إيليا:
(نسي الطين يوما أنه طين
فصال تيها وعربد
ياأخي لاتمل بوجهك عني
ماأنا فحمة ولا أنت فرقد)
الصورة ذاتية عاطفية تخاطب المشاعر وتغوص في جوهر الأشياء فهي لاتنقل الصور الحسية الواقعية بشكل مباشر وحرفي بل أرادت أن تخاطب جوهر الأشياء لتعكس درسا بليغا في أعماق المتلقي
” نسي الطين” استعارة ورمز فالطين رمز للإنسان
” صال تيها” استعارة وكناية عن الغرور
– ياأخي لاتمل” في الأمر نصح وإرشاد وتذكير ” كلكم لآدم وآدم من تراب”
– ” ماانا فحمة” استعارة تصريحية” ورمز عن التمايز والاختلاف فأنت طين وأنا طين
– “ولأانت فرقد” الفرقدان نجمان في السماء متلألئان لامعان قرببان من النجم القطبي
وهي استعارة تصريحية ورمز وكناية عن التعالي
فالصورة عاطفية تمتد بين دلالات الكلمات تخاطب الاسرار وتخاطب العميق وتبتعد عن القوالب الجاهزة التقليدية في المدرسة الكلاسيكية
تسمى الصورة الكلاسيكية عقلية حسية جامدة غرضها التزيين والجمالية ولفت المتلقي وربما أحداث الإيقاع الموسيقى
بينما الصورة الرومانسية عاطفية فردية ذاتية ومنفعلة وغير فاعلة لماذا؟ غرضها الذاتية الوجدانية لذلك تسمى الرومانسية ((مدرسة سؤال الذات ))
الناقد / علي أحمد قاسم.