سأحدِّثُكم عن قلبي
قلبي الذي طالما ظلمتُهُ
وَيَامَا أبكاني
يصدِّقُ أيَّ ابتسامةٍ يَلمحُها
يظنُّها لهُ
وما أهونَ ما يهوى !
وَيَكتبُ الأشعارَ
يَسهَرُ اللَّيلَ بِطُولِهِ
يَحلُمُ وَيَرسُمُ الخُططَ
يَفرضُ عَليَّ أَحَادِيثَهُ
والتَّدخينَ وَشربَ القَهوَةِ
يَجعلُني أحلقُ ذَقني
في اليومِ الواحدِ عدَّة َمرَّاتٍ
وأَتعطَّرُ في كلِِّ لحظةٍ
أنظِّفُ أسناني
حتَّى لو لَمْ آكُلْ شَيئاً
وأبَدِلُ ثيابي
لا أتركُ للمكواةِ وقتاً للراحةِ
ولا أشفِقُ على أُمِّي
وهي ترتِّبُ فوضايَ
وعليَّ أن أدبِّجَ الرَّسائلَ لَهُ
والأشعارَ المؤثِّرةَ
ليَ قلبٌ يُتعبُني ويُؤَرقُني
يُسمِعُني موسيقا وأغاني العاشقينَ
يُرهِقُ أُمِّي ..
يأخذُني مشاويرَ بعيدةً
يتركُني أَنتظرُ على مقعدٍ
أو تحتَ شرفةٍ
لا يعبَأُ بالطَّقسِ
إن كانَ ماطراً أو متوهِّجاً
آهِ من قلبي
كمْ خيبةً سقاني منها
أو مشكلةٍ أوقعَني بها
أربكَني وأحرجَني
وَأبكَاني
ليتَ قلبي يتوبُ ويفهمُ
ليتَهُ يصحو ويتَعَلَّمُ
أنَّ الحبَّ صارَ يُشتَرى
ويباعُ
لا قيمةَ لذقنٍ قد حُلقتْ للتوِّ
ولا لقميصٍ مكوِّيٍّ منذُ لحظاتٍ
ولا لقصيدةِ شعرٍ ملتهبةٍ
ولا لأسنانٍ تلمعُ بيضاءَ
وشعرٍ مصفَّفٍ كالسَّنابلِ
آهٍ منكَ يا قلبي
مازلتَ بريئاً كالطفلِ
تصدِّقُ المواعيدَ
تشغَلُني عن واجباتي
وأنتَ تعصفُ بحياتي
لا أنثى يهمُّها نبضُكَ
لا فتاةَ يثيرُها شِعْرُكَ
ولا عينينِ تنظرانِ لشكلِكَ
إنَّما تتطلَّعانِ لجيبِكَ
يا قلبي إفهمْ
نحنُ في عصرٍ
تخلَّى عنِ المشاعرِ
زمنُ المصالحِ هذا
زمنُ التَّنافُسِ والصِّراعاتِ
ولا قيمةَ للفكرِ
والمبادئِ والقيمِ
نعَمُ ياقلبي
إنَّهُ زمنُ القرودِ والمحتالينَ
لا معنى فيه
للشَّهامةِ أو الكرامةِ
كلُّ ما يهمُّ اليومَ
ماذا أنتَ تملكُ
حتَّى لو حصلتَ عليهِ
عن طريقِ الخيانةِ أو النَّذالةِ
واللا شرفِ *.