من أجل ميلاد النّهارْ/بقلم:خليل نعمان

بدمي، وأشواق الذينَ
تغرَّبوا لوَّنتُ خارطة البَلَدْ
وبكلِّ آيات الترحُّلِ في الطريقِ،
بكلِّ جُرحٍ في الجَسَدْ
أقسمتُ أنّي لنْ أخَونْ
حين الخيانة مخرج الجبناء
مِنْ وجهِ العِداء، فيَرْحَلُونْ
والخيل تصهلُ لا أَحَدْ ..
باقٍ أنا .. عهدي، وسكِّيني،
وحنجرة الظلام إلى الأَبَدْ
إن خنتُ مثل الناس
ما معنى اخْتلافي؟! مَنْ أكُونْ؟
الأرض أرضي والديارْ
داومتُ أن أبني فمي
زيتاً، وقافيةً، ونارْ
وبقيتُ لا أرتدُّ عَنْ
معنى انْدفاعي
للترابِ، وللشَّجَرْ
عَنْ نكهةِ البُنِّ الأصيلِ،
وكلّ ما كتبَ المَطَرْ
داومتُ حتى أنّني
لم أستطعْ إهداء أمّي
قُبلةً أو وردةً أو موعداً
حين الحنين يشدُّ أفئدة الأمومة لِلْوَلَدْ
حين الحنين يشدُّ أجزائي إلى نبعِ
الحنانِ، إلى عناقٍ دافئٍ أنسى بهِ
حزني، وحزن الأرض في هذا السَّفَرْ
في كلِّ ثانيةٍ أراها في المكانِ،
وفي وجوهِ العابرينَ تقول: هَلْ
ضيَّعتَ يا ولدي الأَثَرْ؟!
فأصيحُ يا أمّي المَدَدْ
يا أرضنا المددَ .. المَدَدْ

هذا الرمال رمالنا
والبحر إن قذفَ الزَّبَدْ
وجزيرة ما جاءها
فرحُ المخاضِ ولا تكوَّرَ بطنها
رَسَمَتْكَ في عين المدى
في الماءِ .. في الطرقاتِ
في الجدرانِ في صدرِ السحابِ
البيض في خدِّ القَمَرْ
عَزَفَتْكَ أجمل نوتةٍ
خرجتْ إلى الدنيا بنشوةِ دانِها
فرأتكَ في غيم المساءِ
مِنَ المحيطِ إلى الخليجِ
تُقاسم الليل السَّهَرْ
شاختْ كزنبقةٍ مِنَ
الوجدانِ في فستانِها
وبكى على الوترِ ..الوَتَرْ
يا أمَّنا، ..هذي ضلوعي، واليدينِ فعانقيني
شدِّي وثاقي، حين يأخذني زمانكِ أشهديني
أنْ لا طريق ..سوى الطريق إلى الدِّيَارْ
أنْ لا أحَدْ
غير الذي يشتاقُ أنْ يأتي النَّهَارْ

كَحَّلْتُ بالضوء النّدى
فتبسَّم الزهرُ الحزينُ، وخاصرَتْ
معناهُ في الحقلِ السنابِلْ
وتراقصَتْ كلّ النخيلِ، وغرَّدَتْ
موَّال هذا الفجر مِنْ حولي البلابِلْ
قاتلتُ ما ارْتعشَتْ يدي
ما أدمنَتْ غير التَّشبُّثِ
بالقناديلِ المضيئةِ والمعاوِلْ
ودخلتُ في جسم الشَّهيدِ
تلوتُ فاتحةَ الخلاصِ، وقفتُ
قدَّامَ الرصاصِ الخُضْرِ أصدحُ بالنَّشِيدْ
يا ضوئنا المكسور في الأفقِ البَعَيدْ
فلتقتربْ
لا تغتربْ
من لا يريد الضوء فلْيَغْرِسْ
أصابع كفّه في عينِهِ ولْيَسْتَرِحْ في ليلهِ ..
يا ضوء إنَّ الليل زائِلْ

هذا أوان الفجر والوطنِ
الموزَّعِ في الخريطةِ والضلوعْ
هذا طلوع الله في جبهاتنا
وإذا ينامُ المُبحرون إلى الملوكِ
عنِ انْتسابِ ضلوعهمْ
وعنِ انْتساب طلوعهمْ
فلنا الضلوع لنا الطريق لنا الطلوعْ
يا صاحبي لمَّا قَسَمْتَ ملامحي
ضيَّعتَ من وجهي ووجهكَ
أيُّنا كان الشظيَّة، أيُّنا كان الضحيَّةَ
أيُّنا كان العيون، وأيُّنا كان الدموعْ؟
هذي يدي
اطلق ذراعكَ في دمي
وتنفَّسِ الحرِّيَّة الحمراء مِنْ
رئتيَّ، واصْرُخْ مِنْ فمي
وإذا انْكسرتَ أنا جواركَ فاتَّكئْ
لا تُبْدِ لليل انْهزامكَ يا رفيق
الدرب لا .. لا تختبئْ
كي ندخلَ الوطن المغيَّب في كلينا
نصنع الأقدار مِنْ دمنا ومِنْ
أشلاءِ مَنْ قُتِلوا على ظهرِ الجدارْ
ضلعي، وضلعكَ -يا رفيقي- للبلادِ هما القَدَرْ
ومعاً إذا جاء النهار سنبتدئْ
وسيكتب التاريخ في صفحاتهِ
جيش الظلام هنا انْكَسَرْ
رغم القذائفِ والرصاصِ وحقدِهِ
قد ردَّهُ شعبٌ تسلَّح بالعزيمةِ والنهارْ

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!