عرض مجمل لكتاب د. عبدالحكيم باقيس  (( دراسات سردية في الرواية الواقعية)) 

بقلم:كمال محمود علي اليماني

سعدت إذ أهداني العزيز د. عبدالحكيم باقيس  رئيس مركز الظفاري للبحوث وأستاذ النقد الروائي في كلية الآداب جامعة عدن نسخة من كتابه (( دراسات سردية في الرواية الواقعية)) ، وهو من إصدارات مركز الظفاري للبحوث والدراسات اليمنية في جامعة عدن لهذا العام 2023م . يقول قي المقدمة:  (هذا كتاب تكوّن من مجموعة من الفصول المكتوب أكثرها قبل عشرين سنة وأزيد، كانت حبيسة الأوراق والملفات الخاصة، قررت إخراجها بين دفتي كتاب في صورتها الأولى، عندما وجدت نفسي معنيا بتدريس القضايا السردية، ووجدتها تلبي جانبا في مجال النقد التطبيقي الذي يصل المفهومات النظرية بالنص الروائي اليمني في أثناء التطبيق، وهي مرحلة الرواية الواقعية في اليمن)

وتأتي أهمية الكتاب _ من وجهة نظري_ من كونه استطاع ، وبكل اقتدار، أن يمنح القارىء وجبة ثقافية دسمة ، سهلة الازدراد والهضم.

فالنقد في جانبه النظري لايلين ولايسهل قياده إلا للمتخصصين من دارسي القاعات والمحاضرات على أيدي أساتذة أكفاء ، ضمن مقررات دراسة متخصصة، ولهذا تجدني وغيري كثير أصد عن الكتابات النظرية الخالصة التي لايحصد القارىء من ورائها إلا التعب والنصب ، غير أن د. عبدالحكيم باقيس قد استطاع في كتابه هذا  بتبسيط غير مسف ، أن يحوّل هذه النظريات النقدية الصعبة إلى تطبيقات قابلة للهضم بقليل من الجد والاجتهاد يبذلهما القارىء.  القارىء للكتاب لايقلب الصفحات واحدة تلو أخرى وكأنه يقرأ رواية مشوقة ، ولكنه يقف أمام هذه الجملة أو تلك ، وهذه العبارة أو سواها، وبشيء من التمهل والقراءة الواعية الحصيفة يجد مغاليق كثيرة قد انفتحت له، ويرى الأبواب واقفة أمامه مفتّحة على مصراعيها، ويرى المفاهيم والنظريات النقدية الفجة قد تحولت إلى مادة لينة مطواعة .  وبقراءة الكتاب تنكشف للقارىء عوالم كانت غائبة عنه يوم أن قرأ الروايات المتناولة فيه  قبل سنوات وسنوات، فكأنه ماقرأها حق القراءة ، ويشده الشوق لإعادة قراءتها مرة ثانية ليسير في دهاليزها وقد امتلك مصباحا منيرا من لدن د. باقيس.  درس الكتاب روايات واقعية ثلاثا ، صادرة في ثمانينات القرن المنصرم ، هي: السمار الثلاثة لسعيد عولقي ، والرهينة لزيد مطيع دماج، وزهرة البن لعلي محمد زيد بشكل رئيس ، وإن وردت رواية ركام وزهر ليحي علي الإرياني بصورة متقطعة. ويبدو ظاهرا للعيان الجهد الذي بذله الكاتب في تذليل الصعاب أمام القارىء غير المتخصص في كم المراجع التي استند إليها نظريا، وكم المقتطفات والاقتباسات النظرية التي شملت أساطين علم النقد الأدبي والروائي.  قسم د. عبد الحكيم باقيس الكتاب إلى تسعة مباحث تفاوتت من حيث عدد صفحاتها ، وتعرضت للرؤية السردية ثم للصيغة السردية ، فاتجاهات السرد في الرواية الواقعية اليمنية ، ثم عرج على تقاطبات الفضاء الروائي ، فتشكيل الفضاء الروائي فأبعاد الزمان فيها ، واستعرض بعدها الشخصية الروائية في الخطاب الروائي اليمني ، وقبل أن يختتم كتابه ذهب إلى شعرية البداية ودلالتها في رواية الرهينة، ليختتم الكتاب بمبحث في رباعية الهمداني القصصية. في ثنايا الكتاب تجد شروحا لمفاهيم كانت غامضة لديك كالزمن السردي والتاريخي ، والسرد الأفقي والمتقطع والمتشظي. ستتعرف على مصطلحات الاسترجاع والاستباق ، وتسريع السرد وإبطائه، وستتعلم الكثير في فن وتقنية الرواية مما لم تكن تعلم.  (( دراسات سردية في الرواية الواقعية )) كتاب ذا فائدة للمثقف العام غير المتخصص ، وهو مرجع لاغني عنه لطلاب كليات الآداب ينهلون من معينه مايفتّح أذهانهم ويروي ظمأهم.

 

 

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!