بللَّ القلبَ وجهه الوضّاءُ
مثلما بُللّت رِضاً ورقاءُ
فانشدادٌ مجفّلٌ وانشداهٌ
وانتشاءٌ ورعشةٌ لألآءُ
تنثرُ الدرَّ غبْطةً وحبورا
إنه الحب فلتقل ماتشاء
ماأحيلاه نافذا في عروقٍ
مزج الشوقُ خمرَها والحياءُ
فورة الحسّ شحنةٌ قد تنامت
فاشرأبت من نجمها الأضواءُ
يقطع المرء عمره في سكونٍ
فإذا هلَّ فُجّرت أنواءُ
من بروقٍ إلى اشتعالات روحٍ
فابترادٍ إنْ اصطفاه لقاءُ
واخضرارٌ وزرقةٌ وارتواءٌ
أو ليالٍ نديمها الإعياءُ
ليس كالحب باعثٌ من رقادٍ
ليس إلاه للخمول دواءُ
***
أو هجاءٌ مفللٌ مشّاء
يوقد الذهن إنْ طغت دهماءُ
ظلماتٌ من فوقها ظلمات
والمرايا ظلومةٌ ظلماءُ
من تردٍ وفرقةٍ وانغلاقٍ
أنتمُ اليوم والقبور سواء
لا كشوفٌ ولا اقتداحات نجمٍ
لا خيالٌ مجنّحٌ أو ذُكاء
حالكم في القصيد حال كسور
وعيوبٍ أقلّها الإيطاءُ
عنعنَ القولُ ويلكم من ثبورٍ
أين منكم للفزعة النُجباءُ
أيْ وربي مثالبٌ كالحاتٍ
لم تروها ففي العيون غشاءُ
كم إلى كم تجمّل القول زورا
بالتباهي فقط تطيرُ الظباءُ
كم إلى كم تسيّدتنا جحاشٌ
ترفس الفكر فالرؤى إغواء
قُطّعت أذرع الفنون نكالا
قد خلى من ديارنا الشعراء
أين للشعر أنْ يكون بزوغا
لو تردّى مكمما كيف شاؤوا
من خيالي تُحممُ الخيل عدوا
سابحات قد عانقتها السماء
كلّ حرفٍ أبثّ فيه اتقادي
فحروبٌ أو روضةٌ غنّاءُ
وتصاويرُ أعجزت من رآها
أن يقولوا: تخيّلٌ وافتراءُ
حرّةٌ أمةٌ لوحديَ أبني
إنْ قضَى الله لا يُرّدُ القضاءُ
ويكأنّ الذي اجتباكم مقاما –
فاستفاضت من علمه الأسماءُ
زعموا أنّ ذاتكم قد أهابت
خرقَ سقفٍ فما بكم نبهاءُ
رغم إقرأ ولا تهن وتدبّر
قد يظنون -ظلّه خصّاء
دعك عني وعن مواجع قلبي
إننا اليوم في الدنى غرباءُ
