عمان -آفاق حرة
استضاف منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي، مساء أمس الاثنين، حفل إشهار كتاب “إصلاح حوكمة القطاع العام: أطر السياسات والمداخل”، ” لرئيس المجلس الوطني لتطوير المناهج، الوزير الأسبق الدكتور محي الدين توق.
وتحدث في الحفل بالإضافة إلى الكاتب، الدكتور عمر الرزاز رئيس الوزراء الأسبق، والدكتور مهند حجازي رئيس مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، بينما قدمهم وأدار الحوار مع الجمهور الدكتور فارس بريزات وزير الشباب الأسبق.
في كتابه الجديد، “إصلاح حوكمة القطاع العام: أطر السياسات والمداخل”، والصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، يبين الدكتور محي الدين توق، أن الهدف الأساسي للحوكمة هو “العدالة وتحقيق الصالح العام”، ما يعني أن الحوكمة الرشيدة تتأسس على “قيم الديمقراطية التمثيلية، وسيادة حكم القانون، واحترام حقوق الإنسان، وذلك بالاستناد إلى مبادئ المشاركة والمساءلة والفاعلية والشفافية والكفاءة والاستجابة الملائمة والإدماج”.
ويلفت توق في الكتاب الذي قدم له رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز، إلى أن غياب الممارسات الحقيقية للحوكمة في كثير من دول الإقليم العربي، “أدى إلى تخلف التنمية الحقيقية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبما انعكس سلباً على الحياة الكريمة للأفراد، وعلى ازدهار المجتمعات، وعلى أمن واستقرار الدول، وعلى شرعية أنظمة الحكم”
الدكتور الرزاز قال خلال حفل الإشهار، إن أهمية الكتاب تأتي من شموله وعمقه وأفقه في آن، فغالبية الأدبيات التي تتناول ملف الحوكمة تتناوله من زاوية ما، أما هذا الكتاب فهو يبدأ بالتوثيق التاريخي لفكرة الحوكمة ومصادرها الأولى، ثم يأخذنا في مسار التطور المفاهيمي للحوكمة والظروف السياسية العالمية التي شكلت هذا المفهوم بالصيغة المتداولة اليوم، ومن ثم ينتقل الدكتور توق إلى مختلف المقاربات لتأطير مفهوم الحوكمة، ثمن يبين أوجه التباين بين هذه المقاربات، ليخلص في المحصلة إلى مقاربة تجميعية متكاملة تعكس ليس فقط إلى أين وصلنا الآن، ولكن أيضا أفق الحوكمة الرشيدة على مستوى عالمي واقليمي ومحلي، متضمنا الحوكمة السياسية والحوكمة الإدارية والحوكمة الاقتصادية.
وأضاف أن الدكتور توق لم يغفل الملف ربما الأهم في ذهن المواطن العربي وهو مكافحة الفساد كمدخل لإصلاح الحوكمة، ومكافحة الفساد هنا تتضمن مناحي في غاية الأهمية لم تشملها غالبية الدراسات، وقد أفرد لها الدكتور توق فصولا كاملة، وهي: الشفافية والمساءلة، والإفصاح عن الموجودات، وضبط تسريب الموجودات واستردادها.
وأشار إلى أن الدكتور توق يولي أهمية خاصة لدول المنطقة العربية ويجري مراجعة للمؤشرات المختلفة وترتيب الدول العربية فيها، ليظهر بشكل عام ما نتوقعه، وللأسف وهو تدني أداء الدول العربية بشكل عام في مؤشرات الحوكمة كافة، وفي حالة الأردن، ومع أنه يتقدم على الدول العربية في الكثير من المؤشرات، إلا أنه ما زال في مستوى دون المتوقع مقارنة مع دول متشابهة في مستوى الدخل والتنمية.
الدكتور حجازي بين أهمية إصدار الكتاب من ناحيتين أساسيتين: الأولى ندرة المؤلفات، وباللغة العربية على وجه الخصوص، التي تناولت موضوع حوكمة القطاع العام، والناحية الثانية أنه جاء متزامنا مع الجهود التي تبذل هذه الأيام لوضع مشروع إصلاح القطاع العام الذي تعمل عليه الحكومة موضع التطبيق.
وأشار إلى أن الكتاب أفصح عن قضية أساسية وهامة وهي أن إصلاح القطاع العام في أي مكان لا يمكن أن يتحقق ما لم يكن ذلك مؤطرا بحاكمية رشيدة تساعد على تحديد السياسات التي يجب اتخاذها والمداخل والأطر التي يمكن الولوج منها إلى الإصلاح كما يقول الدكتور توق.
وقال إن الكتاب هو ثمرة فكر عميق وخبرة سنوات مديدة في مجالات العمل الأكاديمي والإدارة العامة والعمل الدبلوماسي على الصعيدين الوطني والدولي، لذلك ليس غريبا أن يأتي هذا المؤلَّف بهذا العمق، وهذه الشمولية التي تضم بين دفتيها نظرة فاحصة خبيرة لموضوع الحوكمة، وكذلك لموضع إصلاح القطاع العام، مُرفقة بمقاربات تؤطر وتجسد هذه النظرة لتصبح الحوكمة نهج حياة وممارسة يومية.
الدكتور محي الدين توق بين في مداخلته، أن الكتاب جاء امتدادا لكتابه السابق وهو الحوكمة الرشيدة من منظور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في عام 2014، مشيرا إلى أن الكتاب ليس دليلا للتنفيذ أو إطارا مرجعيا لكيفية التنفيذ والوصول إلى الحوكمة الرشيدة، لأن لكل دولة وضعها الخاص، ولكل قطاع من القطاعات له خصوصيته، ولهذا السبب جاء الكتاب ليركز على الأطر والمداخل والسياسات التي يمكن أن نستمد منها مجموعة أساسية من المبادئ التي أصبحت راسخة في فكر الحوكمة حول العالم وتطبيقها بشكل أو بأخر في الدولة أو المؤسسات أو القطاع.
وأوضح أن كل فصل في الكتاب له قصة مرتبطة بالتجارب التي خاضها خلال 30 عاما الماضية، حيث إن التجربة التي خاضها في الأردن والاقليم العربي والعمل الدولي مع الأمم المتحدة وتمثيل الأردن في أكثر من مكان وهيئة دولية، ولدت لديه مجموعة من القناعات عكسها في الكتاب.
وكان الدكتور بريزات أشار في تقديمه لحفل الاشهار، إلى أهمية الكتاب الذي وصفه بأنه يعتبر مرجعا ليس فقط لمن يعمل في المجال العام والإدارة العامة، وإنما أيضا لطلبة الجامعات في تخصصات الإدارة العامة والعلوم السياسية وإدارة الأعمال، لأنه لا يقتصر فقط على عرض منظومات الإدارة العامة الرشيدة، بل يتحدث كذلك عن الأصول النظرية والفلسفية للإدارة الحصيفة والرشيدة.
ووقع الدكتور محي الدين توق في نهاية حفل الاشهار نسخا من كتابه للحضور.