مادونا عسكر/ لبنان – النّصّ: على شفا الفكرة كلّما ذبلت وردة؛ اختفت سيّدة من خيال حارتنا، فيقوم شاعرها بتأليف قصيدة فاتنة كلّ ليلة، يعيد الصّورة الأبهى للورد، بصرخة في منتصف اللّيل من امرأة، طارت كلماته من على الورق، تشيب قافيته، يحزم أنفاسه ويعبر للبعيد، شاعراً بالفشل. تاركاً المهمة لرسّام وحيد يعشق البساتين، يلفّ لفحته على عنقه، حاملاً ألوانه ولوح الرّسم، كان مشغولاً بفلسفة الضَّوء والظّلّ، والمساحة الرّماديّة، الّتي كانت تستفزّه، لم يأبه طيلة إقامته بالحيّ بقصص سكّانه، إلّا أنّ الأمر لفت انتباهه فكل ما أراد قوله في لوحة قالته زهرة، وهو عجز عن قوله. قسّم القماش إلى أربعة أجزاء بخطوط صفراء، الألوان صارخة بطريقته، الأبيض، الأسود، فالأبيض، فالأسود. يعاتبه الشّاعر، في المنام على فشله بإعادة النّبض للخيال، فما كان منه أن شكّل بحراً على المساحة البيضاء، وبدأ يسكب منه ليمحوَ السّواد، تتراءى أمامه حوريّة، تهمس في أذنه: سأدقّ اللّيل وستولد كلّ حين امرأة تحمل النجوم، تسقي الشّجر. بقيتْ دهشته تهزّه، فأعاد الكرّة فنبتت زنبقة، ما زال ينتظر لهذه اللّحظة خالعاً ظلّه، للولادة الجديدة . – القراءة: من يستطيع أن يكتب المرأة أو يرسمها أو يتبيّن أبعادها المنسجمة مع الكون بأسره؟ لعلّه سؤال الكاتبة صباح سعيد السّباعي في نصّ تنضح وروده عطراً يدوم بعد الذّبول والرّحيل. إلّا أنّ الكاتبة الّتي ربطت بين المرأة والورد لم تتوقّف عند مبدأ الذّبول، بل إنّ آفاق النّصّ اتّسعت لتحدّد مفهوم المرأة الكون الّذي قد يعسر فهمه أو احتواؤه. يتمحور النّصّ حول الورد والمرأة. وإن دلّ هذا على أمر فهو يدلّ على ارتباط المرأة بالورد وامتزاجهما من ناحية الجمال والبساطة. وكأنّي بالكاتبة تريد تبيان هذين المفهومين واختصارهما في المرأة الّتي تملك وحدها مفاتيحهما كما القدرة على إحيائهما. وهنا تحفر الكاتبة عميقاً في كيان المرأة الّذي لا يدركه إلّا المرأة. فمحاولات الشّاعر المجتهد كلّ ليلة في تأليف قصيدة فاتنة ليعيد الصّورة الأبهى للورد باءت بالفشل. كذلك الرّسّام العاجز، هزمته زهرة، فقالت ما عجز عن قوله؛ ما يدلّ على صعوبة إدراك عمق الجمال والبساطة، وبالتّالي إدراك المرأة عميقاً بمعزلٍ عن الظّاهر. وإذا باءت محاولات الشّاعر بالفشل فلأنّه يحاول استعادة بهاء الصّورة دون العمق. فالصّورة ليست سوى انعكاس يسير للعمق الجماليّ أو محاولة تجسيد له. وإذا عجز الرّسّام المشغول بفلسفة الضّوء والظّلّ والمساحة الرّماديّة عن التّعبير فلأنّه يعيد النّبض للخيال لا للحقيقة، والإشارة هنا إلى معالجة الأمر من خارج، من ظاهره المرئيّ وليس معاينة للعمق الجماليّ البسيط. إنّ الرّسّام يحاول أن يجسّد قوله بألوانه الصّارخة البعيدة عن فلسفة البساطة والجمال، وبالتّالي البعيدة عن إدراك المرأة. ولعلّه في تشكيله للبحر على المساحة البيضاء ليمحو السّواد شيء من محاولة سبر أغوار المرأة لتتّسع مساحة البياض المترادف والنّقاء أو الوضوح. وكأنّي بالكاتبة تشير إلى أنّ إدراك المرأة بحقّ يحتاج إلى نقاء فكريّ وقلبيّ، ما دلّت عليه الزّنبقة الّتي نبتت بعد أن أعاد الرّسّام الكرّة. إلّا أنّه يبدو أنّه تخلّى عن فلسفته وبقي ينتظر في العتمة. بدأت الكاتبة نصّها بالذّبول وأنهته بالولادة الجديدة، وما بينهما يستشفّ القارئ معنى السّلطة، سلطة الورد، سلطة المرأة. لكنّ الكاتبة لا تتحدّث عن سلطة تترادف والسّيطرة أو التّحكّم. إنّها تتحدّث عن سلطة الجمال والبساطة عند المرأة وعن عجز كثيرين عن إدراكهما بعمق. فتضع على لسان حوريّتها ما يعبّر عن هذه السّلطة وعن هذه القدرة على الولادة المتجدّدة: “سأدقّ الليل وستولد كلّ حين امرأة تحمل النجوم، تسقي الشجر“. للنّجوم بعد كونيّ مضيء، وللشّجر بعد التحام المرأة بالطّبيعة، أو بمعنى آخر؛ تتشابه المرأة والطّبيعة بشكل دقيق شكلاً ومضموناً. فالحياة تتجدّد فيهما، وكلتاهما تمنحان الحياة، وكلتاهما لا يمكن السيطرة عليهما، وتوقّع دفق نبضهما أو مفاجآتهما. إلّا أنّ الكاتبة منحت المرأة سلطة على الطّبيعة (امرأة تحمل النجوم، تسقي الشجر) المرأة تحمل الضّوء وتمنح الحياة، وهي السّلطة الّتي قد لا تدركها المرأة ذاتها، ولو أدركتها لتبدّلت أمور كثيرة. أدركت صباح السّباعي سلطة الورد، فنسجت نصّاً عميقاً ببساطته وجماله فشابه بساطة الورد وجماله. كما أنّها استدعت المرأة الأصل وحدّدت مفهوم الجمال والبساطة كقوّة ناعمة مربكة يعجز أمامها المبدعون ويتأمّلها أنقياء الفكر والقلب.
أكمل القراءة »رواق النقد
قراءة نقدية على ديواني الشاعر السوري محمد زعل السلوم
لصحيفة آفاق حرة: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كيف تم نقد ديواني الحب والتكوين وديوان اوبوا الذين طبعتهما عام ٢٠١٤ 4 بقلم – محمد زعل السلوم طبعت ديوان “عُرمة قمح” والذي كان حب وطن وانسان، لكني بعد ذلك طبعت “الحب والتكوين” والذي كتبته في يوم واحد او خلال يومين على الأكثر، أذكر ذلك اليوم بالذات عام 2009 ولكنني لم أطبعه إلا عام 2014، وقد …
أكمل القراءة »إضاءات نصية على قصيدة ” العاصفة ” للشاعرة التونسية بسمة الحذيري
هاشم خليل عبدالغني – الأردن عنوان القصيدة العاصفة يشير لفحوى النص ويرغب القراء فيه ، إنه كما قال احد النقاد:( مدخل إلى عمارة النص، وإضاءة بارعة لأبهائه وممراته المتشابكة ) . تحتوي القصيدة على صور في غاية الدقة والجمال وعلى القارئ أن يدقق في روعة التصوير ودقة الوصف والاستغراق في المعاني . القصيدة : عاصفة رياح ليلية عاتية تهب …
أكمل القراءة »لصحيفة آفاق حرة: _______________ الدين والتدين في قصة زكريا تامر (صورة الكاتب زكريا تامر) بقلم – محمد زعل السلوم مقدمة : تميز حدّاد القصة القصيرة في العالم العربي (زكريا تامر)، بطرقه على سندان السلطة الغاشمة التي أفرزت “الإنسان المدجن” الخاضع المهزوم الفاقد الإرادة، فأدى ذلك لتشوهات اجتماعية عكستها قصص زكريا تامر منذ بداياته، فعبر عن “الدين المدجن” أو “دين السلطة” …
أكمل القراءة »مشهدية تعددية الأصوات في رواية (ذاكرة ميت) للروائية السوريّة ريم بدر الدين\ بقلم الروائي محمد فتحي المقداد
لصحيفة آفاق حرة ــــــــــــــــــــــــــــ مشهدية تعددية الأصوات في رواية (ذاكرة ميت) للروائية السوريّة ريم بدر الدين بزال بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد المقدمة: تقنيّة الأصوات المُتعدّدة ظاهرة في الكثير من الأعمال السرديّة الروائيّة، وهي مجال رحب واسع للكاتب أن يتولّى طريقة إدارتها بشكل يضمن له خدمة مشروعه اشتغالًا واعيًا مُدركًا لطبيعة لتوظيف حواسّ أبطاله تفاعليًّا عميقًا، من خلال رسم …
أكمل القراءة »رؤية نقدية في (على ساقٍ واحدة)
بقلم الأستاذ ابراهيم المرعي مجموعةٌ شعريةٌ ترتدي ثوب النثر وتغوص في بحار الشعر ذات نسجٍ وحبكٍ على صعيد المفردة والتركيب والنفَس مولودٌ أولٌ للشاعر عماد الأحمد يصرخ في فضاء الشعر ليحجز لنفسه مكاناً في ميدان الشعر رغم قلّة أهله وكثرة مدعيه . على ساقٍ واحدة عنونةٌ اتخذها الشاعر عتبةً لبيته الشعري جارّاً المتلقي من أذن ذائقته الأدبية لا أذني الغيمة …
أكمل القراءة »الغزل النموذجي عند آل مخيف الناقد عبدالباري المالكي
دراسة نقدية لقصيدة (وافترقنا) للشاعر آل مخيف وفي قصيدة (وافترقنا)أوجدَ شاعرُنا الجليل ألشيخ جمال ال مخيف الغزلَ النموذجي في قصيدته هذه ، بنغمٍ موسيقي خاص ، وقافيةٍ ظلت طوعَ انامله ،ِ حتى شاء ان يمتطيَها ، فزاوجَ بينهما واحسنَ التحركاتِ فيهما حين ولج عالمَ المشاعرِ والاداءِ بأمنياتٍ ثرية ، ولم يعد قادراً على الصمت ، فباحَ بما في داخله من …
أكمل القراءة »التناص الأسطوريفي ديوان (بقايا امرأة) للدكتورة كريمة نور عيساوي من( المغرب )
بقلم الناقد / محمد رمضان الجبور/ الأردن الأسطورة من العناصر التي قد لا يخلو منها نصّ أدبي ، فهي المعين الذي لا ينضب عند الأدباء ، وقد تكون عند الشعراء لها المكانة الاسمى والأعلى ،فقد دأب الأدباء على توظيفها في إبداعاتهم الأدبية بما يناسب مجتمعاتهم وقناعاتهم وأفكارهم ، وبغض النظر عن تنوع الأساطير ومصادرها ، إلا أن لها الحضور المميز …
أكمل القراءة »في ذكرى وفاة ميّ زيادة
آفـــــاق حُـــــــرة كم مثلك يا ميّ من تخشى أن تبوح بأسرار قلبها فراس حج محمد/ فلسطين {الكلمة التي لا تموت تختبئ في قلوبنا، وكلما حاولنا أن نلفظها تبدلت أصواتنا، كأن الهواء لم يتم استعداده لتلقي نبراتها..!}، هذا ما قلته يوما الأديبة اللبنانية المتميزة ميّ زيادة التي مرّ على وفاتها تسع وسبعون عاما (17/10/1941)، ولعلها نطقت بسر أسرارنا، وجرت الحكمة في …
أكمل القراءة »أكاذيب المساء– محمد رمضان الجبور / بقلم الناقد: د. سلطان الخضور
أكاذيب المساء هي مجموعة من القصص القصيرة التي كتبها القاص والشاعر محمد رمضان الجبور والتي صدرت عام 2020 بدعم من وزارة الثقافة الاردنية. تعتبر هذه المجموعة من المجموعات القصصية المشوقة والمحفزة على القراءة لأسباب منها ما يعود للكتاب ومنها ما يعود للكاتب. ويقف على راس الأسباب التي تعود للكتاب عنوان المجموعة أكاذيب المساء,وهي في الحقيقة حقائق وليست اكاذيب لكن …
أكمل القراءة »قراءة في مجموعة (أكاذيب المساء ) للقاص والناقد / محمد رمضان الجبور
آفاق حُــرة بقلم الدكتور / صافي إسماعيل صافي / رام الله ليس من السهل علي قراءة مجموعة قصصية بصورة نقدية، بينما ربما أحسن ذلك مع الرواية، ولكن الصديق الجديد الكاتب محمد رمضان الخضور وضعني في هذه الزاوية، وأنا سعيد بذلك. ربما، يشير العنوان “أكاذيب المساء” بشكل ما إلى محتوى المجموعة القصصية، فهي أشبه بالأحلام، والتأمل في الذات وما حولها، من …
أكمل القراءة »المشاهد الوصفية لدى آل ياسين/ بقلم :الناقد عبدالباري المالكي
آفاق حُـــــــرة دراسة نقدية حول الشاعر محمد حسين آل ياسين اجمل ما في قصائد شاعرالعرب الاستاذ محمد حسين آل ياسين هي المشاهد الوصفية الشاعرية التي يصوغها باداء سهل حيث يتسع المعنى وتتراحب الصور وترتسم الافكار بوسائل فنية خالية من الترهل والحشو . ولعل ذلك جاء نتيجة طبيعية لما اوجدته سنوات عمره المليء بالاحداث والمفارقات من عبء ثقيل يرهق النفس …
أكمل القراءة »
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية