حلم
إذا أضحيتِ في روحي ودمّي
سبقنا الريح من غيمٍ لغيم
و طرنا بالمشاعر فوق جُنحٍ
لطير الحبّ نلمعُ مثل جُرمِ
أصابعنا بهمسٍ حين لمسٍ
ندىً للورد كم يحيا بضمِّ
و نبحرُ و النجوم كموج عطرٍ
تلبّكََ في حضوركِ دون حلمِ
وأجمع من تلبُّكها فؤاداً
كعقدٍ كم تأنق بعد نظمي
و نعلو ثم ننزلُ أرض بدرٍ
ينيرُ الكون حسناً ألفَ نجمِ
و تجتمع النجوم بكلِّ حبٍّ
لتعزِف لحنها رسماً برسمِ
و تدعونا لرقصٍ في الثريا
و كم للحبِّ من فرحٍ بيوم
أضمك و النداء نداء قلبٍ
و قلبك صار يهذي الحب باسمي
كأنا اليوم كم ضاقت ضلوعٌ
بقلبينا كم انفجرت بكرمِ
و ماذا قد أقول أيا ملاكي
أحبك فوق أشعاري و علمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد طكو
ﺗﺘﻜﻰء ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ﺍﻟﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻢ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﻳﻌﻨﻮﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﻠﻢ ﻭ ﻳﺒﺪﺅﻫﺎ ﺑـ ” ﺇﺫﺍ ” ﻭ ﻫﻲ ﻇﺮﻑ ﻟﻤﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺃﻱ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻳﺘﻤﻨﺎﻩ ﻭ ﻳﺼﺒﻮ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ .
ﻫﻜﺬﺍ ﺑﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺘﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﻤﺔ ﻳﺮﺳﻢ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﻟﻠﻌﺸﻖ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻭ ﻛﺄﻧﻨﺎ ﺑﻪ ﻳﻤﺴﻚ ﺭﻳﺸﺔ ﻭ ﻳﺮﺳﻢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﺟﻨﺤﺔ ﻳﻄﻴﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﻴﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻋﺎﺷﻘﺎ ، ﺣﺎﻟﻤﺎ ، ﻣﺤﻠﻘﺎ ﻓﻲ ﺳﻤﺎء ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺻﺮﺍﻉ ﻻ ﻋﻮﺍﺋﻖ ﻭ ﻻ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ . هكذا تجعلنا القصيدة ننظر للشاعر محمد طكو كإنسان عاشق ( رجل مُحب أعياه الشوق و ذاق مرارة الحنين ) له مشاعره وأحاسيسه و شاعريته التي يحاول التعبير بها ليعكس القيمة الحقيقية لهذه الروح المُحبة ، العاشقة.. المتشوقة ، الحالمة … في قصيدة تكتنز فيها المشاعر الدافئة نحو الحبيبة ، و شاعر يحلِّق في سماء الإبداع حالما ، متيما و ولهاناً … و نحن بدورنا نحاول الإبحار داخل هذه الذات دون أن يفوتنا متعة الحروف المتوجة بالحب و البلاغة و الجمال … إذ تحقق القصيدة مدلولها الجمالي على عدة مستويات ، حيث يبرزُ الجمال فيها كظاهرة شعرية متأصلة في اللغة ، و اللغة تعتبر تشكيلا للمعنى الذي به يكون الشاعر أو لا يكون … فالحبٌّ الذي يحس به الشاعر يسري في أعماق ذاته سيران الدم بالعروق ، مما يضمن للقصيدة أسلوبا شعريا متينا و مُعبِّراً من حيث الشكل و المضمون حسا و فنا و تخيلا و أحاسيس و وجدان و عواطف و بلاغة و موسيقى كلها أعطت للقصيدة بناء شعريا جيدا و متماسكا من مطلعها إلى خاتمتها و ضمنت للحرف مصداقيته و وقعه على القارىء …
إن هذا ﺍﻟﻌﺸﻖ ﺍﻟﺪﻓﻴﻦ ﻓﻲ ﻟﺐ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻳﻈﻬﺮ ﺟﻠﻴﺎ ﻣﻊ أﻭﻝ ﺣﺮﻑ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ” إذا ” ﻭ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ لمخاطبته : ” ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻣﻌﻲ … ” ﺑﻞ ﻫﻮ ﻳﺴﻮﻕ ﺍﻟﻜﻼم في ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺃﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﻮﻝ : ” ﺇﺫﺍ ﺃﺿﺤﻴﺖ ﻓﻲ ﺭﻭﺣﻲ ﻭ ﺩمي ” ﻓﻨﺤﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﻮﻏﻞ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻟﻨﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺨﺎﻃﺒﻬﺎ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻢ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻧﺘﻮﻏﻞ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺜﺮﻩ ﻭ ﻫﺰ ﻛﻴﺎﻧﻪ ﻓﺮﺳﻤﻪ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺩﺍﻋﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﺑﺤﺮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﺯﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﺤﺮﻑ ﻭﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭ ﺑﻨﺎء ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ، ﻣﻔﺼﻼ ﺣﻠﻤﻪ ﺑﺪﻗﺔ ﻭ ﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ﻭ ﻣﻌﻠﻨﺎ ﻋﻦ ﻋﻮﺍﻃﻔﻪ ﺍﻟﺠﻴﺎﺷﺔ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻪ ﻭ ﺷﻮﻗﻪ ﻭ ﻟﻬﻔﺘﻪ ﻭ ﺣﻠﻤﻪ ﻓﻲ ﻋﻴﺸﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ . ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﻠﻌﺸﻖ و ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻢ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭ ﺗﻜﺮﺍﺭﻫﺎ ﻟﺘﻌﻄﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻤﺢ ﻭ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ، ﻭ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺜﻴﻒ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ، ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﻓﻖ ﻓﻲ ﺭﺳﻢ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﺈﻧﺴﺎﺏ ﺣﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﻄﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻣﺤﻘﻘﺎ ﻣﺎ ﻳﺄﻣﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﻭ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻨﺎﻩ ﻭ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻴﻪ ﺇﻧﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺷﺎﻋﺮ ﻳﺪﺍﻋﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﺤﻨﻮ ، ﻭ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ﺑﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻓﻴﻀﻴﻒ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﺟﻤﺎﻻ ﺗﺘﻜﺜﻒ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭ ﺗﻤﺘﺰﺝ ﺑﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﺣﺎﻟﻤﺔ ، ﻭ ﻋﺸﻖ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻨﺼﻬﺮ ﺑﻴﻦ ﺛﻨﺎﻳﺎ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ، ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻏﻢ ﺻﻐﺮ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭ ﻃﺎﻗﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ، ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻘﺎﺭﻯء ﻳﻄﺮﺏ ﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭ ﻟﻺﻧﺴﻴﺎﺏ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻏﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎء ﺑﺸﻜﻞ’ﻋﻔﻮﻱ ﻭ ﺑﺪﻳﻬﻲ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد وليد