تمهيد..
لقد كرمت الشرائع السماوية المرأة أيما تكريم ، ودعت لإنصافها حينما تعرضت للوأد والتنكيل من قبل وغد لئيم ، امتهن كرامتها وجعلها في صحرائه المقفرة على وجهها تهيم .
إن هذا التكريم الإلهي للمرأة جعلها المحور الأساس، والشمس الساطعة والنبراس في حياة أسرة ومجتمع هي روحهما وهي نبضهما الحساس.
فالمرأة هي الأم رمز العطاء، والأخت عنوان التضحية والوفاء، والبنت التي تشعل في فتيل روح والدها أبهى نور وضياء .
فلقد تكلمت بفخر عنها الأديان، ووضعت قوانين إنصافها في دساتير هذا الزمان ، وهام بها الشعراء من قديم الأزمان فكم عنترة بليلاه متيم وولهان.
ولا زال لها في شعرنا المعاصر مكان، وسيظل ذلك دأبهم إلى أن تبدل الأرض غير الارض وينتهي الزمان.
لقد أنصف الشعراء المرأة واثقلوا لها الميزان وتغنوا بفضلها وعطائها التر في كل آن .
ولكن هدية الشاعر السوري “أيمن قدره دانيال “جاءت في يومها العالمي المصادف للثامن من آذار وفي السطور التالية درر وجمال نفيسة غالية رصع بها دانيال جبين كل امرأة معطاءة فاضلة بلجين الإنسانية مذكرا بحقوقها المنتهكة من قبل الإنسان .
صورة المرأة في قصيدة لامرأة العالم تحية:
في نص مكثف وبأسلوب يتسم بالجمال، والروعة والكمال، يبرز لنا الشاعر “أيمن قدره دانيال” دور المرأة في مجتمعها بين صحب وخل وآل .
فالمرأة ذاك الكائن الموهوب، التي تبث فيمن حولها الفرح تنأى بهم عن الخطوب فهي رمز الوفاء والصفاء
وهي عنوان العطف والحنان والنقاء .
لأنها تعطي دونما انتظار لرد الجميل، صبورة تتحدى المستحيل، تعانق الشموخ تبني دعائم الجيل ولا عجب أن يختار لها الشاعر من الطبيعة شبيهً يجسدها به بالتجدد والنضارة الدائمة ولا ريب فالمرأة هي الحياة برمزيتها الخالدة الذكر، فبفضلها تسمو الروح عالياً وترتقي الأمم فالأم مدرسةٌ كما شبهها الراحل حافظ ابراهيم في شعره .
فالمرأة شمس النهار، بدرٌ ينيرُ عتمة الليل للكبارِ والصغار، كما وصفها الشاعر في أبياته الرائعة، فالمرأة ثمار الشجر، ألوان الزهر وهي كل معنى جميل به نفتخر فيقول الشاعر :
تحيةٌ للمرأةِ التي
تهبُ العالم إنسانية
البشر
لتلك التي تصحو
على راحتيها الشمسُ
ويغفو على أسماعها
ضوءُ القمر
للسيدةِ التي تمنحُ
الورودَ بأنوثتها لون
الزهر
للتي تعطي الحنان
ربيعاً مزهراً كزخاتِ
المطر
وبعد أن يستفيض شاعرنا بكل تلك المكرمات الحسية واللفظية يتسائل مستفسراً متسائلا : هل اعترفنا للمرأة بالجميل أم لا زلنا نعاني من فقدان البصر الطويل .!؟
فيتسائل قائلا:
هل كنا المنصفينَ
بحقها أم كنا الفاقدين
للبصر
ويتمنى الشاعر على من هضم حقوق المرأة وحاد عن انصافها، أن يقرأ الشواهد والدلائل لعله يخرج ببينة من ورائها اعترافا بفضل المرأة التي من دونها لا يمكننا العيش بمفردنا لكي لا يصيبنا الكفاف فيقول متمنياً :
ليتنا ندركُ الحقيقةَ
بأنها روحُ العطاءِ
مرآة القدر
عندما يبكي الدمع منها
تحيا الأرضُ وتورقُ أغصانُ
الشجر
ويغردُ العصفورُ شدو يومٍ
جميلٍ لأجلِ من نُظمت
بألحانِ الوتر
هكذا رسم شاعرنا لوحة للمرأة مستوحياً معالمها من الطبيعة الغناء ملمحاً إلى تشابهها في الجمال والعطاء برمزية الوحي الإيحائي للنص والكلمات تفرد به عن الكلمات التي قيلت بحقها إن المرأة في نظره هي روح الحياة التي بجذوتها نحيا ومن دون شمسها نتردى .
الخلاصة:
إن الشاعر في نصه المكثف هذا ولوحته الفنية الرائعة يقدم للمرأة أجمل ما يمكن أن يقدم في يومها العالمي ، فيعترف بفضلها، ويدعو إلى إعطائها حقوقها دونما انتقاصٍ يذكر فهي نبع الحنان ومصدر الأمان وهي السكينة والاطمئنان .
إن المرأة في نظر الشاعر هي الماضي الأصيل، والحاضر الجميل، والمستقبل الواعد المشرق لأبناء هذا الجيل وإن كان للباحثة كلمة في الختام تعقيباً على ما ذكر…
فهي كلمة شكر وامتنان لشاعر فذ تتجلى فيه كل مشاعر الإنسان إذ خصنا بفريدة متفردة لا نظير لها فدم بألقٍ شاعرنا دام نبض يراعك ودام فيه سحر البيان .
حلب 2019/3/17