مرثية القرنفل/بقلم:عبد الله أبو شميس

مطرٌ
في زُقاقٍ نحيلْ

كُنْتِ أقربَ منّي إلَيَّ..
وما بينَنا ألفُ مِيلْ

وتزُورينَني في المنامِ..
تقولين لي: أين أنتَ؟
فأبكي على كتفَيْكِ..
_ تأخّرتَ
_ أعرفُ أنّي تأخّرتُ
لكنّني لستُ أعرفُ
كيف السّبيلْ

_ الرّياحينُ والياسميناتُ
قد سبقوكَ إليَّ..
فحتّى متى يا قُرنفُلُ
تتركُ أمَّكَ
في الإنتظار الطّويلْ؟

كنتُ أضحكُ
حين تقولينَ “أُمَّكَ”
والدّمعُ في وجنتيَّ..
تغيبينَ
ثمّ تعودينَ
بين نساءٍ تعذّبْنَ
والشّمسُ تجلِدُهنَّ
على باب “سجن الخليلْ”

ومُجنّدةٌ تتأمّلُ وجهَكِ
فوق البطاقةِ..
“هل أنتِ أنتِ؟”
وأصرخُ
حين أراكِ مطأطئةً:
تلك أمّي
فلا تلمسوها..
وأركضُ نحوَكِ
لكنّني أتعثّرُ
قبل الوصولْ

ـ*ـ

مطرٌ
في زُقاقٍ نحيلْ

والبناتُ
على الأرضِ يرسُمْنَ
بعضَ الخطوطِ
ووجهَكِ في قلبِ دائرةٍ..
ثمّ (يحجُلْنَ) نحوَكِ
فوق المربّع والمستطيلْ

وأنا كنتُ أحجُلُ
مثل البناتِ
وأخجلُ
إذ أتعثّرُ قبل الوصولْ

ـ*ـ

مطرٌ
في زقاقٍ نحيلْ

وفريقانِ
من (عربٍ ويهودٍ)
بنادقُهُم من خشبْ

فوّهاتٌ خياليّةٌ
يتدفّقُ منها
رصاصُ الصّغارِ..
فيسقطُ قتلى هنا
وهنا شهداءُ..
وفي كلِّ دَوْرٍ
يفوز العربْ!

ورأيتُكِ
تبتسمينَ لهمْ
فاقتربتُ
ولكنّهمْ
بدؤوا بالهربْ

طار منّي الرّفاقُ
وطار الزُّقاقُ
أمام عيوني..
وأندهُهُم:
يا رفاقُ، خذوني..
ولا تتركوني
لهذا الرّحيلْ

كنتِ أقربَ منّي إليَّ
ولكنّني لستُ أعرفُ
كيف السّبيلْ

ـ*ـ

قلتِ لي
في المنام الأخيرِ:
الّذي يعرفُ القدسَ
لا يعرفُ المستحيلْ

من تقرّبَ لي سنتمتراً
تقرّبتُ مِيلْ

فتعالَ
ولا تنتظرْ
_ ما وجدتُ دليلاً إليكِ
_ لماذا إذنْ لا تكونُ الدّليلْ؟!

الرّياحينُ والياسميناتُ
قد وَصَلُوا ووَصَلْنَ
وأمُّكَ
يا ولدي
في انتظارِ القُرنفُلِ..
أنتَ القرنفُلُ
يا ولدي
وفتايَ الجميلْ..

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!