الطيف وقصص أخرى /بقلم:حسن لمين

 

الطيف

كان واقفًا عند الشاطئ، يتأمل غروب الشمس كما يفعل كل يوم. اليوم، اختفى اللون البرتقالي سريعًا خلف الأفق، وأخذت الأمواج تهدأ.

حين التفت إلى الوراء، لم يجد ظلها بجانبه. تذكر فجأة: لقد رحلت منذ سنوات.

ومع ذلك، ظل يعود كل يوم.

 

شوكولاته

دخلت السوق الممتاز على عجل، تبحث عن شيء لا تعرفه. أرفف مليئة بكل ما قد يحتاجه المرء، لكنها كانت تشعر بفراغ غريب.

وقفت أمام رف الحلويات، مدّت يدها لتأخذ قطعة شوكولاتة، ثم توقفت. كانت تلك النوعية المفضلة لدى ابنتها، التي رحلت منذ عام.

أعادت القطعة مكانها، وغادرت دون شراء شيء.

 

همس في الغابة

في الغابة الكثيفة، كانت تسير بخطوات حذرة. الأشجار المتشابكة تحجب السماء، والضوء بالكاد يتسلل بين الأغصان.

سمعت خشخشة خلفها. توقفت، أنصتت جيدًا. لا شيء.

واصلت السير، لكن الخشخشة تكررت، أقرب هذه المرة. استدارت بسرعة، لكنها لم ترَ شيئًا.

ثم همس صوتٌ خلفها: “أنتِ لستِ وحدكِ هنا.”

 

عشق

تحت ضوء القمر الخافت، التقيا بعد طول انتظار. كانت الأنفاس متلاحقة، والأيدي متشابكة كأنها لن تنفصل أبدًا. تعانقا بشوقٍ دفين، وكأن كل لحظة بين ذراعي بعضهما تعوض شهور الفراق. تبادلا القبلات بشغف، كأن العالم قد توقف، وكأنهما الوحيدان فيه.

لكن سرعان ما قطع الصمت صوت القطار في البعيد، مذكّرًا إياهما أن الليل قصير، وأن الفجر سيأتي ليفرقهما مجددًا.

 

أسرار المسبح

في المسبح الهادئ، كان الماء يعكس ضوء القمر بشكل خافت. غاصت بهدوء، تشعر ببرودة المياه تحتضن جسدها. على الطرف الآخر، كان ينتظرها بابتسامة، يمد يده نحوها.

اقتربت منه، تلاقت الأيدي تحت الماء، ثم اقتربت الوجوه. تبادلا نظرة طويلة قبل أن يغمرهما الماء مجددًا، لكن هذه المرة، لم يكن للغرق بل للغوص في لحظة لا تنسى.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!