زيارة عمي/بقلم:عبدالقادر رالة

      لمحته من بعيد واقفا حزينا مثل الآخرين، يتأمل فأدركت أنه مشغول الفكر بهؤلاء الناس الذين يتباكون، ولا يبكون!

   المُتوفى هو عمه الحاج أحمد.. وفي الماضي كنت دائما أرافقه لما يزوره في عيد الفطر أو عيد الأضحى أو في ليالي رمضان بعد صلاة التراويح…   و بعد أن أقعده المرض، استمر يزوره كثيرا، أما أنا فقط حينما أكون فارغا غير مشغول أرافقه..

   كان صديقي يقول بأن عمه لا يشتكي من المرض، ولا من تدهور الصحة، ولا من صعوبة التبول و قضاء الحاجة ! وإنما  ما يضايقه ويؤلمه أشدّ الألم  تنكر أقاربه من أولاد أخوته أو أخواته ……

  هو العم الأكبر ! جميع أخوته توفوا… فلماذا لا يزوره أولادهم ؟ فإدريس لا يزوره ألا في العيد،   كل يوم يمر أمام البيت ولا يستطيع أن يدق أو يسأل! …ولا خالد..أو مصطفى.. أو عمران.. 

   يتحسر ويقول : ـــ لماذا لا  يسألون عني؟ لماذا لا يعودوني ؟ أنا الأكبر… أنا الفرع المتبقي من شجرة آل…

   يحاول صديقي أن يخفف عنه ،  فيقول بأنهم يفكرون في زيارته ، لكن مشاغل الناس كثيرة..

  ـــ لا .. لا.. يا ابن أخي!  هي خمس دقائق أو أقل أنظر إليهم وينظرون إلي،  ويرتشفون كأس قهوة ويذهبون ..  مجرد دقائق معدودات …

   لا يقول صديقي شيئا لأن كلام عمه الحاج احمد صحيح، فدقائق لا تساوي شيئا لكنها تعني له الكثير، هو المريض، المتشوق لأن يزوره أحباءه,,, 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!