بقلم: منال الشربيني
…
تتناول رواية “رحلة الأسرار المدفونة” للكاتب مجدي صالح العلاقة بين التاريخ والخيال السردي، حيث تسلط الضوء على رحلة المستشرق الفرنسي اليهودي جوزيف هاليفي إلى اليمن في القرن التاسع عشر بصحبة الحاخام اليمني حاييم حبشوش. الرواية توظف التاريخ بشكل دقيق دون التلاعب بالحقائق التاريخية، مع إدخال عناصر تخيلية تثري السرد وتبرز طبيعة العلاقات بين المستشرقين الأوروبيين واليمنيين.
تتناول الرواية رحلة هاليفي بهدف جمع النقوش والمخطوطات لفهم حضارة اليمن القديمة. كما تطرح تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه الرحلة، إذ يلمح البعض إلى أنها كانت جزءًا من التحضيرات للمؤتمر الصهيوني العالمي في بازل. من خلال هذه الرحلة، تسلط الرواية الضوء على الصراع الثقافي والديني بين يهود الغرب ويهود الشرق، ممثلين بهاليفي وحبشوش.
تعكس الرواية بوضوح التقاليد الاجتماعية في اليمن في تلك الفترة، بما في ذلك العلاقات بين المسلمين واليهود اليمنيين، مع التركيز على التسامح الديني الذي كان يسود بينهم. كما تبرز الرواية التشدد في التقاليد اليهودية الاجتماعية، من خلال قصة “سعيدة”، الفتاة اليهودية التي تعرضت للذبح بسبب فقدان عذريتها، وهو ما يعكس الطابع القبلي لليمن آنذاك.
تتميز الرواية ببنية سردية محكمة، حيث تتطور الأحداث تدريجيًا، ما يعزز جمالية النص على الرغم من بعض الهفوات في التنسيق. الحوار بين الشخصيات كان عنصرًا قويًا أضفى على النص حيوية واستمرارية، كما كان الوصف التفصيلي للبيئة اليمنية عاملًا أساسيًا في تقريب القارئ من الأحداث.
تُعدُّ “رحلة الأسرار المدفونة” رواية تجمع بين التاريخ والخيال بشكل متوازن؛ تقدم رؤية متكاملة للمجتمع اليمني في القرن التاسع عشر، وتعالج قضايا اجتماعية وثقافية مهمة، مما يجعلها دراسة أدبية ثرية للتاريخ اليمني والعلاقات الثقافية بين الشرق والغرب.
المصادر:
– صالح، م. رحلة الأسرار المدفونة.
– الكاتب، ن. “العلاقة بين التاريخ والخيال في الأدب”. مجلة الأدب والتاريخ.