#فضفضة :
في إحدى فترات حياتك ؛
ستدرك معنى أن تتبلد مشاعرك أمام كل مشكلة كبيرة تعجز عن حلها .. وأمام كل موقف عظيم يستدعي الانهيار والبكاء الصاخب ..
في إحدى فترات حياتك ستعلم معنى أن تواجه كل سوء العالم بساقين نحيلتين وعينين دامعتين وقلب وحيد يرتجف ..
ستدرك معنى أن تشرق شمسك ومازلت في ذات الزاوية التي جلست فيها ليلا” منذ ساعات طويلة …
ستتعلم كيف تكفكف دمعك براحة يدك الصغيرة بعد أن بكيت لأنك أضعت أصغر أشيائك وأقلها قيمة ؛ في حين أنك تعمدت تجاهل ضياع أكبرها ..
ستعرف كيف تدفع الأزمات عنك بيدين رقيقتين عروقها بارزة من قلة تناول طعامك ودوائك وقلة نومك …
ستجرب التخلي دون تفكير .. والانسحاب دون عتاب .. والموافقة بهز الرأس ليس أكثر ..
ستجلس معهم بجسدك فقط وأنت تنظر بعيدا” وتطلق آلاف التنهيدات من صداع وضجيج الكلام حولك ..
ستقترف العديد من الحماقات دون أن تنتبه ؛ وتكررها دون أن تنتبه أيضا” مهما حَمَلَت لك من سوء ..
ستتخطى الأيام المفرحة السعيدة بابتسامة باردة ؛ لأنك على يقين بأنها لن تطول ولن تدوم وأن أيامك السوداء خالدة …
ستترك اشباه الأصدقاء وأشباه الأصحاب وأشباه الأحبة ..
ستترفَّع عن أنصاف العلاقات المشوّهة التي ستترك الندوب ..
في هذه الايام ستتوقف عن قبول بعض الحماقات التي ادمنتها سابقا” ..
لن تغريك ألوان الورود ..
لن تجذبك روائح العطور التي يضعها المارة في الشارع ..
لن تستنشق دخان السيارات بعمق ؛ الذي أحببته من قبل ..
لن تشرد في تأمل حركات طفل صغير عندما يفتح عينيه في صباحه ..
ستتوقف عن ملاطفة القطط والطفلات الصغيرات ذوات أثواب العرائس وتسريحات الشعر الأنيقة ..
ستغدو وحيدا” شاردا” في كل ماحولك ..
ستترك قهوتك تبرد وتعاود شربها كما هي ..
ستتخلى عن المثلجات في صيفك الحار ..
وعن معطفك وشال عنقك المفضل لتخرج باردا” شاردا” تجوب شوارعك التي تعج بالمارة بين ضباب السادسة صباحا” ..
ستتخطى ذاك المكان المشؤوم بكل برود وكأنه لم يحتويك يوما” ولم تناظر أغلى أشخاصك فيه ..
ستعتذر لمسائك الذي يشبه صباحك ..
ستعتذر لعمرك العشريني الذي يشبه عمر جدتك السبعينية ..
ستتآلف مع ملامحك المجعّدة المهترئة المتآكلة في حين أن ملامح اقرانك تعجّ فتنة وجمالا” وبهجة ..
ستكتفي بالجلوس على مقعدك البعيد ذاك ؛ متأملا” في ايامك وأعوامك تمضي دون جهد منك لانتشالها من بين كل هذا الحطام ..
_________
بصرى الشام – سوريا