اربع قصائد للشاعر الفلسطيني صالح الهواري

لصحيفة آفاق حرة:
________________

(1)
لاتقرئي إلا دمي

قالوا : عتيقا سد مأرب صار
جددناه فاحتجت سبأ
في الحب شمسناه
لانرضى له صدأ جديدا
ماؤنا سيف الشعاع
ولايليق به الصدأ
ونقولها .. وعلى اتساع البحر
في احلامنا :
إن كانت الصلوات خالصة
لوجه الأرض
من عطش الرماد ستزهر الجمرة
وإن كانت لأجل سواظ
عين الليل
في بئر الدخان
ستدفن الزهرة
عام مضى …عامان
لم تخرج علينا من اصداف الضحى
قومي خديجة واصعدي
للشمس دالية النهار
نجدد السيف الصديء
لاتقرئي إلا دمي
زيتونها انا
زيتها الوهاج لاغرب ولاشرق
جميل نبعنا يحبو وراء الشمس
اجمل منه حين يزوره البرق
نبايعه ليعطينا
فإن جفّت حمائمه نغير ماءه
وإذا اقتضى البيت الفلسطيني ذاك
واوجب العشق
نجدد برق ثورتنا
على المنشق ننشق
من خلف ظهر الليل جاؤوا والظلام
على الظلام على الظلام يخيم
قالوا نقتسم واقتسمتم جرحكم
وسيوفكم بدأت هنا تتثلم
نعم انقسمنا…هل يطيب الحب إلا
في هوى قلبين ضمهما فم
هي في الظلام قيامة نحو الضحى
غزت القلوب لكي يفيق النوم
البذرة الخضراء قبل بزوغها
تنشق تحت الأرض …ثم تبرعم
ولئن تقسم في العراء قميصنا
قلب الفلسطيني …لايتقسم..
١٦ شباط ١٩٨٥…..
======
(2)
دمي قطار النسغ

نعم !!! لولاي ماانقلبت على ميزانها
اجراس غفلتكم
ولاسمعت حمائمكم دبيب الماء
في ثوب النخيل
انا بريد البرق في نبض السنايل
فاعرفوني جيدا
قلبي مليء بالجداول
كل يوم تحفر الأيام
فيه روافدا اخرى
رأوا سحبي تشيل النار في منقارها
قالوا : لقد واتى الهوى
كي تستقيل من العناد
وتستريح من التقلب في الرماد
انا !! أمد دمي لمغتصب البلاد!!
أضعت عمرك في الصراخ المر
من وادٍ لواد
هل سمعتم أن ليمون الفلسطيني
عن دمه تنازل مرة؟
إذنِ احترقْ احترق في موقد المنفى
بلحم الأرض لاصقة عصافيري
ولن أحني لهم شجري
على أمواج غزة أبحرت سفني
وعند تلال رام الله
سلمني بريد الشمس مفتاح الدخول إلى النهار
دمي قطار النسغ في
شجر التهيؤ
للجليل فتحت باب سفارتي
ورسمت شكل توجهي الآتي
جبين القدس مشوي بنار روما
أين يداك ياعمر
تصبان النهار على دجى الأقصى
لقد فتحت لك المحراب فادخلها
على فرس
من الغضب الفلسطيني
يصهل في دم الشهداء
شبابيك الظلام ولايمزقها
سوى ايدٍ هنا
عربية النبضات
مئذنة الجليل
ولايكبّ فوق صهوتها
سوى بارودة غضبى
فلسطينية الطلقات
١٩٨٣
=====
(3)

في الطاحونة الخلل

ودع فلسطين …إن القوم قد رحلوا
“وهل تطيق وداعا أيها الرجل”
قالت حبيبتنا …والحزن يشربها:
وهل تهاجر عن اهدابها المقل!!!؟؟؟
انا المقيمة برقا في ضمائركم
فكيف عن برقها الغيمات تنفصل !؟
ياشمس يافا!! ونهر الجرح بوصلة
إليك كيف إلى عينيك لاتصل!!
يلومنا الورد أناّ لانغازله
وفي شفاه اغتيلت القبل
ياثورة صادروها وهي واقفة
كيف الرصاص يغني وهو معتفل ؟!
قالوا اصمدوا وجنازير الغزاة على
صدر المخيَّم ترعاه… وتحتفل
“صبرا” يشير إلينا اليوم إصبعها
أمام من قاتل العصفور يمتثل!؟
كل السكاكين ترنو نحنو نخلتنا
ماذا يهمُّ !؟ ونحن الريح تشتعل!؟
قالوا اصمدوا فاختزنا البرق في دمنا
من آخر الموت نادينا…..فما وصلوا
مرّ الصحاب على شبَّاك مذبحتي
مرّ الكرام …..فلا اهتزوا ولا سألوا
أعشاشنا امتلأت ” روما” فهل عرفوا
من اي خيط إلى أثوابنا دخلوا!؟
اعرتهم ضوء مصباحي على ثقة
فصوبوا نحو قلبي االليل وارتحلوا
أظافرا ترتدي أحلامهم ومدى
صفراء هل يتآخى الحب والوجل!؟
بعد الذي تم….. هاجوا في عواصمهم
في قمة سلفا عن ظهرها نزلوا
لولم تكن يافلسطيني من لهب
لصرت كحلا بك الأيام تكتحل
أقسى من الموت في أعراس مذبحتي
صمت الحيادي يرنو وهو منفعل
لاعيب في اللون ….إن العيب في دمهم
مقطرا من سواقٍ ماؤها وحل
العطل ليس بسيف الريح متهما
في حضرة النهر …..في الطاحونة الخلل
لانملك الآن شيئا غير شمعتنا
فوق الظلام بها نمشي …..وننتقل
على اتساع ضفاف الجرح نعلنها
وليسمع الصوت من سمعه سلل:
لو أن شمس الفلسطيني حاقدة
ماراح في ضوئها العصفور يغتسل
زيدي اتساعا هنا ياوردة شنقت
من عطر احلامها هل يشنق الأمل
لاوزن إلا بنا … ميزاننا لهب
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعل
=====

(4)

كونوا حجارة

أيها البحتري قم واشهد اليوم
شهيدا في القدس يبعث حيّاً
هدم القبر وارتدى حجرا من
( بيت لحم)…وضاء نجما… وحيّا
إن شعبي شعب النضال قديما
وحديثا …مقاتلا كرمليا
فإذا الحرب أقبلت جاء نارا
وإذا السلم جاؤ جاء نبيا
خلق السيف قبل ان يخلق الطعن
….على الموت كان موتا عصيّا
فكأن الجليل قال له:
فوق العدى كن حجارة وعصِيّا
مطر …..وعيد
مطر …وتشتعل البلاد من الوريد إلى الوريد
وتعود غزة من صلاة الفجر
تخبز جرحها قمرا….وتبتديء النشيد
حجر….وينطفيء الزبد
وتصبح في الوادي
عصافير الجليل
ولا أحد
حجر …ويرفع جذع قامته الولد
ليشب قبل اوانه
قمرا يقاتا في الخليل
وفي صفد
ياطائر الذكرى!!!!
تغادرني بغير هوية
وتزور حيفا مثلما تهوى
ويظل يشنقني السؤال
على شبابيك السؤال
أرنو إلى برق يجيء ولايجيء
يتزينون بها هناك
ويرشقون بها الجنود
محتاجة للنبض كل حجارتي
خذنب لغزة أكتسي نارا
تحصِّ لي دمي
ضد التفحم .. والتخشب…والسعال

ياطائر الذكرى تعال!!
سلم عليهم يسرجون دماءهم
خيلا يبايعها نزيف البرتقال
ياطائر الذكرى
ولاخوف على مطر
تأخر في عناقيد الرمال
مادام خصر الأرض يولد كل يوم
ونساء عين الحلوة الحلوات
تحت القصف ينجبن الرجال
سلم على ولد بغزة
غز بالسكين محتلا وقال
قمر العريش عريشتي
وانا الكفيل
بإعادة الماء الجميل
إلى القتال
سلم عليهم يركضون إلى الوطن
دمهم فتيل
دمهم نخيل
دمهم أبابيل
ترميهمو بحجارة
من نار عكاوالخليل
خذني “لأم الفحم ”
ألبس من خزائن فحمها غضب الشرر
شجر تناسل في الجراح
فمن يعيق تدقق النسغ
المؤجج في الشجر
خذني إلى طبرية السمراء
اغرق في بحيرتها الرمادية
إلى زيتون رام الله
مرتديا عباءته الفدائية
يانخلة الشهداء
تلك هي المواجهة العنيدة
فاسكني عرش المطر
وتألقي فوق الدخان حمامة
كتبت على لحم الحجر:
والتين …والزيتون. والطور الذي
شنقوه في عز الظهيرة:
الساعة اقتربت
وفوق رمال غوة
شق معطفه القمر
وأنا الكفيل
بإعادة الماء الجميل
إلى القنال
سلم عليهم يركضون إلى الوطن
دمهم فتيل
دمهم نخيل
دمهم أبابيل
ترميهمو بحجارة
من نار عكا والخليل
خذني “لأم الفحم”
ألبس من خزائن فحمها غضب الشرر
شجر تناسل في الجراح
فمن يعيق تدفق النسغ
النؤجج في الشجر
خذني إلى طبرية السمراء
أغرق في بحيرتها الرمادية
إلى زيتون رام الله
أقرأ فيه وجه الله
مرتديا عباءته الفدائية
يانخلة الشهداء
تلك هي المواجهة العنيدة
فاسكني عرش المطر
وتألقي فوق الدخان حمامة
كتبت على لحم الحجر
والتين والزيتون والطور الذي
شنقوه في عز الظهيرة
الساعة اقتربت
وفوق رمال غزة
شق معطفه القمر
قل للذين تخدروا فوق المحيط
على حرير النفط
تطر بهم مزامير الإمارة
هلّا ادلكمو على ريح تنجيكم
من الخوف الذي
سكن المغارة
مروا على حارات غزة
حارة حارة
وخذوا الحجارة من مقالع قهرهاا
هذي بضاعتنا
وتلك هي التجارة
١٢/٢٠/ ١٩٨٧م
______
دمشق / سوريا

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!