كأنّما ليست هي
لم يكن لها ما يعطّل ابتسامتها النادرة
لاهذه الرفّة في الخدّ الأيسر
ولاخلوّ فمها الخاتميّ من الضواحك
ولا تهدّل جفنين ، كيف سخوا ، مثخنين تحت الكدمات الزرق
لم يكن لها أن توجز في حديث الألفة
فتكتفي باللازم من الكلمات
فيبدو في حوارها تجفاف المجامل
أو صمت غير الآبه بوجع الناس
فغابت عن صباحات قهوتها لمّة النسوان
وغاب أن تزيل عن صدورهن همّ الغيابات وشظف العيش
بنكاتها المعهودة عن ليالي الدخلة
وعمّا يفعله السمك المشويّ بأوصال الرجال
الكلّ صار يصدّق أن للمرأة دمعاتها الجوفية فتنفد عن بكاء طويل او عن فزع لايطاق فتذبل عينها
وإلا لماذا تظلّ مشدوهة هذي الحنون بلا عبرة قدّام الفواجع ؟
وهي التي كانت تنوح إذا انجرحت إصبع أو بكى طفل من لقاح
لم تكن لتنهض على أربع
وهي التي ظلّت تتباهى بأمّ تمسك خطّين في حصاد العدس وتسبق
وبأب مات وهو يعلّق في أعلى التينة فانوس السهرات بلا سلّم
كأنما ليست هي التي ظلت تنقّ على أولادها ” أن ارفعوا رؤوسكم وأنتم تمشون
خوف حدبة في الظهر
أو تجري لكم ألقاب الذلّة على ألسنة العكاريت ”
لم ننتظر طويلا لنعرف
أن ما طوى قامتها الباسقة فتوق في فقرات العصعص
فقد كانوا يشدّونها في الزنزانة كي تشقّ بأيديهم ، هم ، نصفين
وأن ارتجافها وهي تحاول ألا تستند على أحد ليس لمن يقوم لتوّه من شلل ولم يكن للزهايمر أن يتجرأعلى أعصاب امرأة كانت تصطاد الواويّات
وتطعم ذئبة حبلى فتات لحمها
ولقّبتها الديرة ” أخت الرجال ”
فقد أوصلها عنادها لأن تُحرق رموشها بلهب الشّمع
ثم تسفّ رمادها بلسان ناشف
لم ننتظر طويلا لنعرف
أنها لن تنتظر فرحا يرتّب بهاءها من جديد
وأنها ، إنّما كانت تصرّ على قليل من الكلمات
حتى لا يقال ” خرس الحق ،
فقد مات الشاهد ”
وأنها لن تطلب ، وهي تحتضر، إلاممشاها الأبديّ بين التنّور وخلايا النحل
وأنها لم تكن أكثر من سلّة جراح تلوح في نعش