آفاق حرة – خاص
حوار أجراه الروائي (محمد فتحي المقداد – مدير تحرير آفاق حرة)
مع الأستاذ الدكتور (حسين المحادين)
الأستاذ الدكتور حسين طه المحادين، الضيف الأول لبرنامج (شخصية الأسبوع) لموقع وصحيفة آفاق حرة الإلكترونيّة. فهو شخصيّة عامّة مؤثّرة، يحمل أمانة الكلمة بجرأة في الإشارة لمواطن الخطأ، والتنبيه للخطر الذي يراه بعدسة عالم اجتماع حريص على سلامة مجتمعاته العربيّة والإسلاميّة، وتأثيرات العولمة التي اجتاحت العالم بأسره، ولا حصانة من مؤثّراتها السلبيّة.
بكلّ لغات الدّنيا أرحّبُ بك أجمل ترحيب، وأُفرِدُ لك مساحات واسعة من الحُبّ على صفحات موقعنا آفاق حرّة، وميْدانًا لتكون فارسنا الأوّل.
عُرف الأستاذ حسين في الأوساط العامّة بشخصيّته الأكاديميّة كأستاذ في كلية الدراسات الاجتماعية، ثم أصبح عميدًا لكلية الدراسات الاجتماعية في جامعة مؤتة، وهو عضو مجلس محافظة الكرك “اللامركزيّة”, وله العديد من الكتب والأبحاث المتخصّصة في الشأن الاجتماعيّ والعامّ.
ومن نافل القول أن يكون عالم الاجتماع، أديبًا.. حيث هو عضو رابطة الكتاب الأردنيين.. ومُتذوّقًا لجمال الكلمة، وتأثيراتها في النفوس، وانعكاساتها على الآخرين بما لها من عميق الأثر. له إصداران (ممارسات –نصوص إبداعية) و(زمكاريات –أفكار وانثيالات وجدانيّة).
* * كيف تقدم نفسك كإنسان لجمهور المتلقين..؟
كما يقول صديق أثير لدي..
“متجول أجمع الآهات من فوق الحناجر..أجمعها،وأسافر..كل باكِ هو اهلي..”-د. عبد الحميد محادين.
–أنا أنسان ما زلتُ برّياً، عابر للجغرافيا وجدانياً، وللثراء رقمياً، وموغل في الأبجدية الأنثى حوارات وتنوع أذواق.. لذا فأنا منحاز لقيم الجمال معنى ومبنى وبكل صنوفه في سنام هذا الجمال الملوّن المرأة الآسرة كالمواعيد المرتقبة والمؤجلة الحضور، إلهامًا إبداعاً وتدفقًا،وأعلن دائماً: وبكل وعيي بأنّني متواطىء مع الأمكنة وقيعانها المراهقة منها،أوالعبقريّة على حدٍّ سواء، مع انحيازي لقاع المدن الحبلىُبكلّمدهشٍغالباً.
– أنا شخص يؤمن بمسامّات الأشياءوالأفكارمعاً؛ فما زلتُالمؤذّن في حواسّ المثقف والمبدع البريّ، بأن يكون مسامياًشفيفًا في قراءاته، وأفكاره وابداعه، ومباضع نقده.
– أنا امتداد الأبجديات، واللّهجات،وأسئلة الوعي الواخزة، التي لا تؤمن بالركود، فمن لا يتقدم يتأخّر عقلًا، وممارسات حياتية أشمل .
– أنا مواليد الكرك/الأردن بُطيني النهر ، المؤابيّون، الأنباط، مؤتة، هيّة الكرك بالمعنى الجغرافي المُحبّب، ومع هذا ما زلت أحاور هؤلاء، كي أزداد علما من معانيهم الضافية والولودة بالنيل والارتقاء، الشهداء، المعلمون، الفلاحين والعسكر، وأفواج الطلبة والخريجين من مدارسنا وجامعاتنا. لكني مع هذا أيضا أنا ابن أمي/وأمّنا هذه البسيطة”الأرض” و نتاجًا استشرافيًّا لتجارب الإنسانيّة في سعيها الدّائم منذ الأزل، لترويض فجور الطبيعة، وبوهيميّتها التي تهدّد حياتنا، بوساطة العلم وأساليبه المتنوعة في الحِفاظ على الإنسان الذي كرّمه الله عز وجل في العقل ووجوب تفعيله.
– أنا ابن وَفيّ للرَّويد والهجيني المتصاعد ثقة، وتفاؤل كسنابل الأحلام المرتقبة القِطاف في فضاء قُرانا التي تغفو كعاداتها الحميدة مبكرًا استعدادًا للنهوض مبكرًا للصلاة، وانبلاج النهار.
– انا الشّاهد على فرح الفلاحين إذ يفتضون الأرض البِكر في مو اسم الزرع تِلماً بجانب تلِم وكأنّهما زوجان مراوغان وواعدين تمهيدا لإخصاب البذار في رحمها بِكَرم المطر من لدن إله بلاد الشّام بعل.
** كمتخصّص بعلم الاجتماع، كيف تؤطّر شخصية الأردنيين؟.
الأردنيون النشامى، والنشميّات هم أهلنا، لهم من طبائع المُغالبة أكثر من قيم الحوار، منحازون للصرامة أكثر من تمثلهم للدعابة، يميلون للتجاوز على ما هو عام؛ بحكم فروسية تربيتنا تاريخيًا، والتي ما زالت حاضرة على هيئة “بدوي صغير” كامن بدواخل كل منا مع الاحترام ؛ فقِلّة الماء، وسعة الصحراء، ووعورة الجبال، ووجع الهجرات والحروب في هذا الإقليم، وكثرة السفر والاختلاط مع الأقوام واللغات الأخرى، وكرم العطاء ؛ كلها عوامل ساهمت في تشكل سمات شخصيتنا الحادة والجامعة كأردنيين في آن من مختلف المنابت والأصول بالمعنى الدستوري للمواطنة. إذن ؛أستطيع القول نحن جٍماع التنوّع الإنساني، ونحن من فرائد المجتمعات تسامحًا ، تنوع أفكار،بناء وتضحيات عبر الأجيال، صبر وعطاء.
* * تجاذبنا بين العالم الافتراضي والواقعي.
– لنعترف أننا نعيش كأردنيين صدمة حضارية قوية، جذورها عولمية السيادة والتواصل، وظاهرها التكنولوجيا كأديولوجيا غربية المركز والمآلات؛ فحالة الدهشة، والدوار القيمي تتسيّدان عناوين نفوسنا، وسلوكيّاتنا المعبرة عن هذا الدُّوَار؛ فنحن من البلدان التي تنشر فيها أدوات التواصل الاجتماعيّ، كأحد أذرع التكنولوجيا ، ولكننا مازلنا نتحادث مع بعضنا عبر الهاتف الخلويّ، وكأننا كما لو كنا في الخلاء،ونتشارك مع الآلاف من الأصدقاء لحظيًّا وبكل اللغات المترجمة، ومع هذا نشهد وجود لخطاب الكراهية بين ظهرانينا للأسف، وكأننا نجوب العالم الافتراضي يوميًّا مع ذلك لم تتّسع مداركنا الجمعيّة بأن التكنولوجيا، التي نتعامل فيها طوال الوقت هي أداة أديولوجية أيضًا، والتي تستعملها الدول المتقدمة؛لإعادة تضبيط تنشئتنا أفرادًا وشعوبًا حسب المقاسات العولميّة في بلدانهم التي تتسيّد العالم دولارًا واقتصادات ، وأنماط متعدّدة للحريات حياة فرديّة، وأضعاف علاقات الشعوب بالأديان والجغرافيا ببلدانهم، من هنا برز ما يمكن فهمه علميًّا وفكريًّا من مفهوم “المواطن الكوني” أي الذي سيعيش موزّعًا بتبعيته، وضبابية معرفته كمواطن مُعَوْلم بين “الأرض والفضاء” معا وعبر التكنولوجيا وعبر ثقافة الصورة على وجه التخصيص..لذا ما إن يطفىء أي منا جهاز حاسوبه بعيد انتهائه من متابعة؛ فلم أو مشاهد إباحية مثلًا من التي حُرِم منها في مجتمع نامٍ حتى يعود لصدمة واقعه القامع له، وحتى لحريته في التخيّل،أو الإفصاح عن غرائزه وعواطفه،أو حتى نقده للكثير من المسلمات التي لم تُختبر، أو لم تثبت صحة مضامينها في عالم آخذ بالانقلاب المتنام على أيّة مسلمات على مسرح هذه الحياة، باستثناء حرية الإنسان الذي نتمنى أن يبقى إنساناً.
**الكورنا كتحديات كونية، أردنيًّا كيف يمكن قراءتها.. بروفيسور؟
-أجتهدُ هنا قائلًا، أن جائحة كورونا إحدى أغصان أو مراحل تطوّر العولمة، ولكن بعناوين صحية.
تشير بعض الدراسات أنّ هذا الفايروس، قد خُلق مخبريًّا بنسبة مئويّة متوسّطة بتشارك ما بين الصّين وأمريكا، مع اختلاف مُبرّرات وأهدف كل منهما،وإن كانت التّجارة، وزيادة مراكمة الرّأسمال النّقديّ هي الجذر لأمريكا كقائدة للعولمة، والاستفادة الصينيّة من زيادات الطلب على السّلع والخدمات الطبيّة والدوائية بالنسبة للصين، رغم أنّ جوهر النّظام السّياسيّ داخل الصين، مازال أقرب إلى الاشتراكية، لكن المصالح الممارسة راهنّا، تتقدّم على الأفكار النظريّة هنا أو هناك.
إذن أردنيًّا، وكجزء متأثّر من العالم أكثر مما هو مؤثّر فيه، لابدّ من التذكير أن الأشهر الأولى للجائحة، قد شهدت تماسكًا واضحًا بين المواطن والحكومة جرّاء كِبَر التحدّي للجائحة، والغموض المعرفيّ العالميّ لجوهر،وأساليب الوقاية من هذه العدوى المرضيّة الظاهر والاقتصادية الباطن، وهي العابرة للأشخاص واللّغات،والأديان، وللجغرافيا كالعولمة تمامًا،لأنها تهدّد حياة الإنسان أيّ كان معتقده أو تواجده.
إذن ، لقد ترتّب على هذا التحدّي الذي استطاعت دولتنا الأردنيّة الحد من انتشاره، وتحويله أحيانا لفرصة نوعيّة لتصدير الخبرات، وهذا يجب تثمينه مدنيًّا وعسكريًّا بكلّ فخر