يقول شاتلي كوبريك ” إن الحقيقة الأكثر إثارة للفزع حول الكون ليس أنه عدائياً بل أنه لا مبالياً”
أضيف العدوانية من صنعنا نحن البشر و كذلك اللامبالاة و ربما هي من أخطر الصفات التي تعبث بمصير الفرد, كلما ازدادت قناعة الإنسان بعبثية الأشياء كلما ازداد عجزه والشيء الذي يبدو مستحيل لن يوازنه وهم التخلي عنه فيصبح لا مبالي لأي شيء فيقوده للتخلف و قصور التفكير و الضياع.
اللامبالاة هي الوسيلة لصنع كل شيء الجهل,الضياع, حتى الفقر يسببه عدم مبالاة يتملكها الأغنياء في المنظومة الكونية.
الصراع القائم بين الفقراء و الأغنياء هو صراع أزلي لا خلاف عليه نشاهده كل يوم لا مبالين في حين غياب الطبقة الوسطى يبقى هذ الصراع هو الصراع الأقوى صراع خالي من مقومات العدالة تجاوز حدود الأفراد حتى نجده وصل إلى صراع بين الدول منهم من قاوم هذا الصراع و منهم من رضخ له, قد تشكلت كلتا الطبقتين الغنية و الفقيرة في هذا الصراع حيث يسحق فيه الفقير و يهان بينما يعلو الغني و يكرم ,
خلق الميزان على أساس مبدأ قيام العدالة ,في عالمنا هذا الذي تغيب عنه العدالة فلا حاجة إذن للميزان,
إذا نظرنا للفقر من منظور آخر و اعتبرنا أنه حظ عبثي ملازم للفقراء إما أن يقبل به الفقير ويذل تحت وطأة الأغنياء أو أن يرغم على الموت إن لم يرغب بذلك. اللامبالاة هي من تصنع الفقروالطريقة الأمثل للتخلص من الفقر هي القضاء على هذا الشعور إلا في حال اختفت غريزة البقاء و ما عادت تطغى فلو أن حياتنا خالية من غريزة البقاء لما وجدت فقيراً واحداً.
الفقراء دائماً ما وضعوا في دائرة الخوف و الإتهام و القمع بينما الأغنياء وضعوا في دائرة الأمان و البقاء و التحكم بالأشياء الظلم الذي يعيشه الفقراء غير مبرر حيث أن الأغنياء تملكوا الكون كأن الطبيعة سخرت لأجلهم لذلك يجب على الفقراء النضال لإثبات الحق في التساوي و تحويل الكون إلى طبيعة بحتة لا تتعلق بالأغنياء,في بقاع قليلة انتصرت لكن في بقاع أكثر ظلت حبيسة,
تخيل لو أن الفقر و الغنى امتزجا في شخص واحد لا سبيل للعيش إلا بسقوط إحدى الصفتين إما أن يأخذ الغنى فيصل إلى مرحلة من الرفاهية تدفعه للانتحار و إما أن يأخذ الفقر فيصل إلى مرحلة من التعاسة تدفعه أيضاً للإنتحار,
لذلك يجب علينا التوسط بين الصفتين و إعادة النظر في كل قوانين حياتنا و إعادة صياغتها و الخروج من الضياع الذي سقطنا فيه و مازلنا نسقط و إلا فلا نستطيع بناء أنفسنا من رماد إذا احترقنا, نظرتنا للحياة يجب أن تكون صائبة و يجب أن يكون لها تأثير و لا تتمحور حول تملك كل شيء لقد تغيرنا جذرياً لم نعد نتبنى أي فكرة لإصلاح هذا العالم لم يعد هناك ما يثير اهتمامنا و لا توجد أسباب ترغمنا على البقاء بالرغم من موت الآلاف كل يوم من الجوع و الفقر و الحروب التي أصبحت في كل بقعة على وجه الأرض و السبب في ذلك يعود إلى الجهل و تجاهل الحقيقة التي وجدنا لأجلها ولكنا أصبحنا مغيبين عنها تماماً.
أصبحنا كأننا نعيش في دائرة مغلقة تتراكم فيها الأحداث و الظروف و لا مساحة لدينا للتمدد حينما نصر دوماً على الوصول إلى المثالية يصبح حاضرنا و مستقبلنا محتوماً عليه بالفناء لذلك علينا الإكتفاء بما لدينا و ألا نتمسك بأوهام ترغمنا على خسارة الواقع و تكون خسارة محتمة لا نكاد نشعر بها,
نحن لدينا رغبة شديدة في تحويل حياتنا البسيطة إلى حياة أخرى من صنع خيالنا حياة عظيمة كلها إنجازات حيث نصل إلى مرحلة نخسر كل ما لدينا من أسباب للبقاء,
نحن وعينا على الحياة بفطرة محددة تميز كل منا مروراً بمرحلة الطفولة و المراهقة وصولاً إلى الشيخوخة كل منا مر بتسلسل منطقي معين ومنتظم و كل منا سلك مساراً معيناً عانى فيه الكثير و تكبد الخسائر لكنه سار وحده للوصول إلى هدف معين.
أنت لديك رغبة ملحة في الوصول لهذا الهدف وتركض خلفه و قد تتفاجأ أحياناً أنك سلكت طريقاً خاطئاً فتعود للبداية مرة أخرى لتسلك طريقاً آخر تشعر بعدم الرغبة في المواصلة و أن كل الصراعات التي خضتها هدرت هباء وأنك تمضي بدون إرادتك تشوبك حالة من الفزع و تصبح خطواتك نحو هدفك أثقل تتمنى حدوث معجزة حينها لاتعرف من أنت و ما الذي جاء بك إلى هنا و ماذا ستفعل ؟
تتقلب بك الحياة و عندما ينتهي يومك يبدأ قلبك بالتفكك تبدو و كأنك تهوي من أعلى لأسفل و تتسارع أنفاسك تسقط ثم تعلو ثم تسقط لمرات عديدة حتى تبدو تائهاً في دوامة لا بداية لها و لا نهاية يدور رأسك و تتوقف عن التفكير و الوقت ينقضي و ازداد الأمر صعوبة,
يحصل أن تصطدم بك الحياة كثيراً و أن لا سبيل للمضي قدماً عندما يتضح لك خطأ اختيارك في أمر ما كان ممكن أن تتحول حياتك بسببه جذرياً في حين أنك قررت التضحية فيه حينها تشعر بالضعف و تشعر أنك عاجزاً عن جمع شتاتك في هذه الفوضى وقد أوشكت على النهاية في تلك اللحظة التي تظن بها أنك خسرت كل شيء و لم تعد قادراً على المقاومة تذكر ما أنت حي لأجله و متعلق به اجعله أمامك ففيه ترى كل مقومات النهوض تأمل حولك ما الذي يكسب وجودك حقيقته مهما عانيت من آلام, ألمك لا شيء .
“كل الذين لا يؤمنون بهدف في الحياة أو فكرة يحاربون لأجلها صارفين اهتمامهم نحو تلبية غرائزهم غير مدركين للغاية التي وجدوا لأجلها أجدهم غالباً أكثر الأشخاص عجزاً”.
لا تكن ساذجاً مثلهم ..
“لا تيأس”
الخيال الذي نسجته سيتحقق يوماً ما
اللحظات السعيدة التي تمنيتها ستعيشها
الأحلام التي بقيت في منتصفها ستتحقق
الآلام التي عانيتها ستتبخر
الجروح التي في قلبك ستلتئم
النيران التي تشتعل بداخلك ستنطفىء
نفسك التي غدرتها في لحظة ما ستكون وفياً تجاهها
حطامك الذي تراكم بداخلك سيرمم من جديد
دائرة الحياة التي رسمتها ستكتمل
الشيء المفقود الذي تبحث عنه ستجده يوماً ما
قهوتك الصباحية و الأغنيات التي ركنتها جانباً في عزلتك ستعود إليها
أنت لا تعيش في دائرة مفرغة , أنت تعيش في دائرة ممنطقة ومسيرة ضمن نظام محدود.
أنت أقوى مما تظن أكثر صلابة أنت قادر على كسر حاجز الخوف لديك,
قد تكون الخيبات مرة متكررة لكن في داخلك أنت قادر على النهوض و المواصلة تخلى عن فكرة “أن يداً ما ستمتد من الأعلى لانتشالك لحظة عجزك”
تلك أوهام كاذبة,
عليك التعايش مع فكرة “أنك قابل للنسيان فلا تتعلق بأحد”,
اجعل لنفسك ذاتها التي تميزها..
إذا خُيِّرت بين أن تكون وحيداً أو فرداً لملء فراغ أحد اختر وحدتك بلا تردد,
انهض بنفسك أنت تستطيع كن لنفسك نفسها التي ضعفت رمم حطامك وحدك لا تنتظر أحد,
فعندما تصل إلى القمة سيسألونك من في القاع كيف وصلت؟
قل:وصلت نُضجاً,
نعم نُضجاً بأفكارك وإيمانك وقوتك وجراحك وأحلامك وأهدافك نُضجاً بكل شيء,
سيتزاحم عليك الناس في هذه الحياة إن كنت في هذا الزحام لا تلتصق بالجدار لك مكان في المنتصف اركض نحوه و اصرخ بأعلى صوتك
“أنا موجود”.