بطاقة تعريفية بكتاب “سفينة بروكرست” بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد

لصحيفة آفاق حرة

 

بطاقة تعريفية

بالمجموعة القصصية “سفينةبروكرست” للأديب الأردني “علي محمد الخريشة”.

 

المحرر الثقافي – الروائي محمد فتحي المقداد

 

 

 

صدر حديثاً مجموعة القصة القصيرة “سفينة بروكرست” للأديب الأردني “علي محمد الخريشة“، احتوت على ثمانية عشر نصًا بديعا، جميعها ذات محتوى مليء بالترميز للابتعاد عن التشخيص والمباشرة، بصيرة الدرب بعمق تأنّيها على اللحظة، لتجعل القارئ يتملّى بوظيفتها الرساليّة، بأبعاد فكرية دالّة على سعة اطلاع ودراية وخبرة في الحياة.

غرابة العنوان “سفينة بروكرست” خاصّة الكلمة الثانية منه، “بروكرست” ولن يتّضح المعنى الدقيق للكلمة، إلّا باللّجوء “للعم جوجل”، فكان الجواب كالآتي: ” بروكرست شخصية من المثيلوجيا اليونانية، حيث كان حداداً وقاطع طريق من أتيكا، كان يهاجم الناس ويقوم بمطّ أجسادهم أو قطع أرجلهم؛ لتتناسب مع أطوال أجسامهم مع سريره حديدي. يطلق لفظ البروكرستيّة: أي النزعة إلى “فرض قوالب” على الأشياء (الأشخاص أو الأفكار..) أو إلى الحقائق أو تشويه المعطيات؛ لكي تتناسب قسراً مع مخطط ذهني مسبق“.

وبتتبّع عناوين نصوص المجموعة، نجد أن نصّا كان قد اتّخذ منه القاص “علي الخريشة” ليكون عنوانًا رئيسًا للمجموعة. كما أن جمال السرد في هذا النصّ الذي جرت أحداثه على متن سفينة مُبحرة إلى وجهتها، القبطان يشكو من ثقل الأحمال التي تنوء بها السفينة، التي تكاد تتهاوي، فأمر جنوده بنصب الميزان، في محاولة للتخلص من الحمولات الزائدة، بالقوة خضع جميع المسافرين للارتقاء على الميزان، وقبل ذلك تخلصوا من ملابسهم، وقس شعورهم الزائدة، حتى امتلأت الحمامات بفضلاتهم، بينما الطبيب،*سكينه لم تتوقف في قص قطعة توازي الوزن الزائد عند صاحبه، وللسيطرة على الجرح، تُصبّ فوقه ماء البحر، ويُكبس بالملح. بعد انتهاء العملية، خرج القبطان ذي الوزن الثقيل على الجميع، وشكرهم على الاستجابة الضروريّة للتخلص من الأحمال الزائدة، والتضحية من أجله.

بإسقاط رسالة النص على الواقع المؤلم الغارق بالظلم والدكتاتورية، والأمجاد التي تبنى على تعاسة الجماهير. ويتوافق ذلك ليكون نص “التمثال” رافدًا أساسيًا للنص السابق، كل دكتاتور ومتسلط، لا بد من وجود المنتفعين والطفيليين والانتهازيين من ذوي استغلال المواقف، وتجييرها لمصلحتهم، وإطفاء كل شمعة أو فكرة، هم أعداء العمل والنجاح.

النصوص ليس بينها أي رابط سوى أنها قصص قصيرة. في كل قصة نجد أسلوبًا، وفكرة مختلفة، ونهاية غير متوقعة، دهشة الخاتمة بمفارقتها الانزياحيّة عن السهل المألوف والمطروق، إلى مساحة فكرة تولّد شهوة التساؤلات لدى القارئ.

وما هو سرّ السفّاح الذي يقتل الفتيات في أعياد ميلادهن؟

ولماذا يسرق الشموع بعد كلّ جريمة؟

وما قصة المغارة التي تضاعف كل شيء فيها.

وكيف تتخيل نهاية العالم على ظهرة سفينة تجري في البحر، لتلك السفينة قوانين صارمة، وغريبة؛ فحين تسمعها لن تتمنى أن تكون من ركابها.

وأين اختفت لوسي؟

وهل سيتمكن المخلص من تخليص العالم من تلك الوحوش الغريبة؟ وماذا حدث لطبيب الأسنان، وصديقه عند المنعطف الأخير.

وما حكاية المدينة التي تتشابه منازلها بطريقة عجيبة، وغريبة، ولماذا لا يشعلون الأضواء فيها؟

أخيرًا: تعتبر مجموعة “سفينة بروكرست” نصوصًا قصصية قصيرة، متقنة السبك السردي، بتسلسل منطقيّ لا يترك مجالًا للهروب، بينما لغتها سلسة سهلة تبدأ بمقدمة سليمة، لتأتي النتائج على شاكلتها صحيحة. ولعلّ انتقاء العبارة بعناية، تنمّ عن موهبة تفجّرت لدى “علي الخريشة” بدقّة متناهية، وصبر عليها كثيرًا حتى خرجت بأبهى حلّة أدبيّة، ويبدو أن طبيب الأسنان تعلّم الصبر والدقَّة وإتقان عمله، وهو ما انعكس على هوايته الأدبيّة.

 

 

عمّان – الأردنّ

7/11/ ٢٠٢١

 

 

 

 

 

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!