ناصر محمد ميسر
جريدة آفاق حرة
قد تكون الإجابة سريعة من البعض، بأن الوطن هو الذي يدفع الثمن حيث لا يوجد ضرر مباشر على المواطن. ولكن بالنظر إلى الأمر بصورة كلية، سنكتشف العديد من الحقائق المخيفة والمؤلمة في الوقت ذاته. بدايةً نجد أن التعاملات اليومية في مختلف المصالح تتأثر في شكل متزايد التي تتفشى في مختلف أجهزة الدولة، ما يؤدي الي العديد من التغييرات والقرارات العشوائية وغير المدروسةفي كل يوم نطالع الأخبار نجد العديد من المشكلات والقضايا، بداية من سوء التخطيط والتخبط والعشوائية في القرارات وصولاً الى الفساد الإداري والرشوة وغيرها من المعاملات غير الشرعية، التي قد لا يتسع المجال لذكرها، كما أن حصرها ليس هو شغلي الشاغل في هذا المقال، وإنما ما يهمني، هو الإجابة على هذا السؤال: من يدفع ثمن كل هذه الأخطاء… الوطن أم المواطن؟
وهو ما ينعكس ويؤثر في شكل يومي على المواطن في تعاملاته اليومية. واليوم في كل ديوانية نجد ان الحديث لا يخلو من تناول هذه الظاهرة العجيبة حول بطء التعاملات الحكومية، وفي الوقت ذاته قد تسير المعاملة بسرعة البرق في حال وجود وساطة من أحد الأشخاص أو المسؤولين في المصلحة أو الهيئة الحكومية.
كما يمكننا أن نلاحظ أن مستوى المعيشة في مصر لا يتأثر فقط بالعوامل الاقتصادية العالمية والإقليمية الخطيرة، بل وأيضاً بعوامل وبطء التحرك التي تثقل كاهل الاقتصاد المصرى ، فلهذا الأسباب يتحمل المواطن المصرى الأعباء وتقاسمها بين الوطن والمواطن.
وخلاصة القول، أنا أريد أن أقولها قولاً واحداً، الجميع يدفع الثمن، ولا فرق في الضرر ان كان الوطن هو الذي يتحمل العاقبة أو المواطن هو الذي يفعل ذلك، فالمشكلة في النهاية أن لا فرق بين السفينة وراكبيها حين تتعرض للعواصف ومخاطر الغرق، في هذا التوقيت الكل يدفع الثمن، والنجاة تصبح أمراً عسيراً. لذا أقول لكل أصحاب النظرة الضيقة والمصالح الشخصية الأنانية والمهلكة، رويداً فما تجمعونه من مالٍ بطرقكم غير المشروعة، لا يهدم فقط أركان وطن، وليس الوطن وحده بل الكل يدفع الثمن، بل أنتم ستدفعون أيضاً الثمن عاجلاً او اجلاً، ولا تعتقدون ان ما تكنزونه من أموال وثروات من أموال الشعب المصرى العظيم ، وتضعونها في البنوك العالمية التي تخفي أرصدتكم وجرائمكم واختلاساتكم وسرقاتكم من جيوب الوطن والمواطنين ستنفعكم، لأنه عندما يحل الخراب لن تجدوا لكم وطناً يؤويكم أو يمدكم بالمال، فاستثماراتكم في الدول الخارجية بأموالنا المسروقة لا تضمن لكم المستقبل الآمن أنتم وأبناؤكم، بل على العكس انها تعني في شكل آخر أنكم تخربون بيوتكم بأيديكم، وأخشى ما أخشاه أنكم ستندمون وقت لا ينفع الندم.
لذا، لا بد ان نستفيق لأن الجميع يدفع الثمن، الوطن والمواطن، وحين تسوء الأمور فالخراب والجدب لا يفرق بين الأخضر واليابس، وبين الصالح والطالح.
من هناـ وجب علينا جميعاً التوقف للمحاسبة الشخصية والمجتمعية في كل ما يدور حولنا من مشكلات وأزمات ندفع ثمنها جميعاً وتثقل كاهل الوطن بالمزيد من الأعباء، وإنني أدعو من خلال منبر جريدةأفاق حرة إلى وقفة مجتمعية شاملة، نستطيع من خلالها إعادة الامور إلى اتزانها قبل ان تفقد السفينة مسارها، وساعتها قد يكون قد فات الأوان. وقفة مجتمعية شاملة نعرف من خلالها، ما الذي أنجزته كل مؤسسة من مؤسسات الدولة. ما الذي نجحت او اخفقت فيه. وقفة مع كل مسؤول، صغيراً كان أو كبيراً. وقفة مع الموظف أو العامل أو المدرس. وقفة مع كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة لنعلم ما لنا وما علينا، وما الذي يجب ان نكون عليه خلال الفترة المقبلة. فليس معقولاً كل هذا التناقض بين تصريحات الحكومة عن إنجازاتها التاريخية غير المسبوقة، والشعور بالإحباط واليأس الذي يلف المواطنين، وكل ما أتمناه ان تكون الوقفة ويكون الحساب موضوعياً ومنطقياً ورقمياً، لا على أساس المشاعر والكلمات الرنانة.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.