أشمون. ٱفاق حره.
كتب/ وائل شعبان.
***الطالبة شَهد نافع ضحية المجتمع الذي غابت عنه الإنسانية ويتمتع بالجهل والتخلف والعصبية***
رحلت الطالبة شهد في مشهد إنساني غير مسبوق، وسادت حالة من الحزن في قرية ساقية المنقدي على مقتل الطفلة شهد البالغة من العمر 13 عام وهي طالبة في الصف الأول الإعدادي في مدرسة ساقية المنقدي، ليلة رحيلها إنها لليلة بكى فيها الضمير الإنساني وإنها لليلة بكت فيها السماء؟
شهد ضحية المجتمع الذي نعيش فيه والذي انتشرت فيه الجريمة بجميع أشكالها ولابد من العقاب والقصاص على وجه السرعة والعدالة الناجزة في جميع قضايا العنف في المجتمع المصري، والآن أتسآئل أين الأخلاق والتربية والسلوك الإنساني الرشيد؟ أين السلم الإجتماعي داخل القرية والمدينة والشارع؟ هل ذهبت الأخلاق إلى الجحيم؟
المجتمع المصري والعربي أصبح الآن يتصدر الجريمة على مستوى العالم، فأين أخلاق الإسلام؟ أين مكارم الأخلاق والدين المُعاملة؟ أين شريعة الإسلام والمسيحية من هذه الجرائم سواء الإرهاب بجميع أنواعه أو العنف الإجتماعي؟ أين دور الذين يقرأون القرآن آناء الليل وأطراف النهار؟ أين الذين يُقَبِّلُون الصليب في صلواتهم السبع اليومية؟
لابد من تغيير لغة الخطاب التربوي في المدارس والجامعات والمساجد والكنائس وجميع دور العبادة ودور العلم لكوننا وصلنا إلى حالة من الإنحدار الأخلاقي والثقافي ولا يشغل عقل المواطن الشرقي سوى شهوة المال وشهوة الجنس، وأتذكر قول الكاتب فرج فودة في معرض القاهرة الدولي للكتاب حيث قال: احنا ليه مابنفكرش غير في النُص اللي تحت، والجنس أصبح وكأنَّه عقدة كبيرة تتعاظم في ذهن الجميع العربى بدعم من الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أيضاً؟
ولا أجد أفضل مما قاله الدكتور مصطفى محمود وهو واقفٌ أمام قبر الرسول حيث يقول: وقفت أمام قبر الرسول الكريم مُنكس الرأس حياءً وقد هَرَبَت مِني الكلمات،كُلِّي حياءً منك يا رسول الله، أحسنت التبليغ عن ربك وما أحسنَّــا، وأحسنت النُصح لأُمَتِكَ وما نصحنـــا، وحملت كتابك بقوة وما حملنـــا، وانتصرت للحق وما انتصرنـــا،؟
وإحدى أسباب التِيه المجتمعي الذي نحن بصدده الآن هي ( الإزدواجية )التي يتمتع بها المواطن الشرقي، فالمرأة التي تدعي المثالية وأصبحت الثقافة لدينا ثقافة القبور وثقافة الجنة والنار وأصبحت المرأة وجسدها هي الشاغل الوحيد للرجل الشرقي، وحصاد هذه الأفكار هي القتل والعنف وتفكيك الأُسر وتشريد الأطفال، وهذه قُنبلة موقوتة وهذه القضايا خطر على الأمن العام وتتسبب في انهيار الدول كما حدث في الإتحاد السوفيتي عام 1988م، إنها الحرب الباردة يا سادة،وتصادم الحضارات؟
تتأمل في هذا المجتمع الذي يدعي أنه مجتمع مُحافظ، ودليل المحافظة هو أنَّ العيب أهم من الحرام، أين المُحافظة إذن؟ فهناك مَن لا يأمر بناته للصلاة، فأيها أعظم يا أيها المجتمع، صلاةٌ ستُحاسب عليها حين تلاقي ربها كأول عمل تحاسب عليه أم كشف وجهها أمام المجتمع؟ نحن أيضاً في مجتمع يهتم بالمظاهر بشكل مرعب ومخيف ناسياً أو مُتناسياً جوهر الشخص؟
نعيش في مجتمع مليء بالضحايا، ضحايا التحقوا بالسلك القضائي لأجل المجتمع، ضحايا التحقوا بالمؤسسات العسكرية لأجل المجتمع، تخصصوا تخصصات لا يريدونها لأجل المجتمع، ضحايا دُفنت مواهبهم وإمكانتهم لأجل المجتمع، ضحايا تزوجوا من أول رجل تقدم لهن لأجل المجتمع، ضحايا عانوا الكثير من المشاكل النفسية ولم يتكلموا عنها لأجل المجتمع، ضحايا لم يعملوا في المقاهي والمكاتب والمطاعم والمحلات لأجل المجتمع، ضحايا لم يُكمِلوا دراستهم في الخارج لأجل المجتمع، ضحايا تزوجوا لأجل المجتمع، ضحايا عاشوا منافقين لأجل المجتمع، ضحايا تشكلت حياتهم لأجل هذا المجتمع؟
نعيش في مجتمع مليء بالضحايا، ضحايا لا يستطيعون الرد على كلمة عيب ولا على جملة “هذا كلام الناس”، المصيبة والمعضلة العظمى حين تكون ضحية تربية مجتمعية ظالمة ولا يعلم أي من هؤلاء المُربين عظم المصيبة عليك؟
وفي الختام أتمنى لكم حياة خالية من ضحايا هذا المجتمع وأن تكون شهد نافع إبنة ساقية المنقدى آخر الضحايا في هذا المجتمع الذي غابت عنه الإنسانية وانتشرت فيه مظهرية التديث وقلة تطبيق الشرع والدين والعمل به من أجل الله ورسوله؟