لصحيفة آفاق حرة:
تجاذبات المعنى بين الموهبة وعبث الكتابة
بقلم. ظميان غدير. أرتيريا
مرّ يومان وأنا أتجول بين الفيسبوك والتويتر ولاحظت تشابه وكثرة استخدام المصطلحات الأدبية والشعرية في القصائد وحتى بعناوين الدواوين
كلمات مثل: المجاز والمعنى وشرفة المعنى وهامش المعنى والقصائد والقوافي الخ
ولا أدري لماذا أصبحت عادة على أنني لا أرى عيبا لو استخدمت هذه الكلمات وجاءت بمحلها وكان معناها جميلا.
لكن كثرتها برأيي يرجع لسببين :
السبب الأول: هو التقليد ورغبة الشاعر بالمفاخرة بأنه مثقف أدبيا وينسى أن ثقافة الشعر إن لم تنعكس على فنه فلا حاجة لنا بثقافته فالشاعر فنان بالأصل ولس شرطا أن يكون مثقفا صرفًا.( وهذا موضوع مربك سأناقشه بمقال آخر فالشياطين العاقلة توسوس لي كثيرا هذه الأيام)
السبب الثاني :
هو أنه يعيش هاجس الكتابة وهاجس الشعر أكثر من هاجس الموضوع الشعري كأن ليس له دافع في موضوعات أخرى وكأن حياته خالية وكأنّ لا موضوع في حياة الشاعر سوى معالجة الأفكار النقدية والأدبية في نصوصه والتباهي بها لإثبات شاعريته وذلك بكثرة استخدام مصطلحاتها في شعره بضرورة أو لغير ضرورة وغالبا تأتي بسياق لا ينفع أن تقال فيه.
وانا أيضا انتبهت لنفسي لكثرة مجيء مثل هذا بشعري قديما من غير مبرر فأسأل الله التوبة من هذا على أني لا أتوب إن كان مبررا ولكن بزمن انحطاط الشعر أظنه غير مبرر لأي شاعر.
كثير من قصائد جيدة قديما وحديثا لا يُستخدم فيها مثل هذه الأجواء
وأظن من أسس لهذا وتمادى فيها ليفخر على بقية الشعراء هو المتنبي بقوله :
أنا الطائر المحكي والآخر الصدى
و
وما الدهر إلا من رواة قصائدي
و
أنا ترب الندى ورب القوافي
و
ويسهر الخلق جراها ويختصم.
وهو ذكر هذه الأمور بقصائد متفرقة لكن لم يستخدمها بكل قصيدة!!
وكتب كثيرا من المعاني ولم يكن يحتاج ليقول لك أنه شاعر في كل قصيدة!
والمعاصرون يستخدمون هذه الأجواء ليس لغرض الفخر لكن لأغراض أخرى
لكن هو فخر تم توريته لأنه يأتي بمعانٍ وسياقات يقصد بها التبجح في الغالب!!
من يدّعي التجديد بهجر الأصنام القديمة عليه أيضا أن يهجر الأصنام الجديدة
التي يعكف عليها فأنا أرى المعاصرين أكثر تحجرا وصنمية من الشعراء الذين مضوا على أنهم يظنون عكس ذلك!!
وأختم قولي بقولي:
وشاعرٍ شعرهُ في شعرهِ أبدًا
وأقبح الشعر ما قد قيل في الشعرِِ
يعيدُها لا يملّ الدهر ينشدُها
كأنّ ما قاله ما قيل من دهر ِ.
….