صدر فى العراق أحدث كتب الأديبة والشاعرة والناقدة السورية ميادة مهنا سليمان بعنوان
(حكاياتٌ شاميَّةٌ) عن دار المتن، وهو مجموعتها القصصيّة الثّانية، ومُشاركٌ الآن في معرض بغداد الدَّوليّ بدار المتن/ جناح O11/ قاعة رقم 3.
ويتألّف الكتاب من ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل:
(اعترافاتُ ضميرٍ): وفيه (١٦)قصّة قصيرة
تحكي عن صراعات بين الضّمائر وأصحابها، فقد قمتُ بتشخيص الضّمير، وجعلْتُهُ يحاور صاحبَهُ، ويوبّخهُ كي يردعَهُ عن فعلِ الأشياءِ اللاإنسانيّةِ، لكنّ صاحب الضّمير سيمضي في الشّرّ ولن يرتدعَ حتّى ينالَ عقابَهُ المُستَحقَّ بعد أن يكون قد فات أوانُ النّدم، ثمّ في نهاية القصّة ينتصر الحقّ، ويرينا الضّميرُ مآلَ صاحبهِ، فتكونُ العواقبُ متعدّدةً كالجنون مثلًا كما في قصّة
(الزّائرة الغريبة):
“وأمامَ مدخلِ البِناءِ كلُّ المدعوينَ إلى الحفلِ استغربوا وجودَ امرأةٍ تفترِشُ الأرضَ، وتبكي بطريقةٍ جنونيَّةٍ، وهي تقول: أريدُ أن أحضرَ خطبةَ ابنتي أرجوكم.”
أو قد تكون النّهايةُ السَّجْنُ كما في قصّة (الأب المتوحّش):
“تشفّيتُ من صاحبي حين رُكِلَ، وصحا والقيود في يديه، ليكونَ عبرةً لكلِّ مَن كان بلا إنسانيّة.”
القسم الثّاني:
(يوميّات طالبة مظلومة) وفيه (١٦) قصّة قصيرة
بطلتُها طالبة تبدو للوهلة الأولى كسولة، لا تنتبه لدروسها، بسبب أحلامها الورديّة، وإلهامها الشّعريّ، لكنّ القارئ سيكتشف أنّها مثقّفة ومجتهدة فهي ستُحرج أحد أساتذتها وتسأله سؤالًا لن يستطيع الإجابة عنه.
وتختم كلّ قصّة من القصص بومضة شعريّة من وحي الحصّة الّتي تحضرها الطّالبة، فمثلًا في حصّة الرّياضةِ تختم القصّة بالومضة الشّعريّة التّالية:
أَجْمَلُ تَمَارِينِي الصَّبَاحِيَّةِ
حِيْنَ تمُرُّ
فَيَعدُو قَلبِي
وَرَاءَ عِطْرِكَ!
وفي حصّةِ اللغةِ العربيّةِ تكتبُ من وحي المادّة:
“اليومَ وبَّخَتْني المعلّمةُ أمامَ صديقاتي، فقد فشِلتُ في تعليمِ قلبي ترتيبَ الأحرفِ الهجائيَّةِ، وكلَّما أمسكتُ الطَّبشورةَ، كتبتُ أحرفَ اسمِكَ!”
وهكذا إلى نهاية القصصِ، فنلحظ النّقد المبطّن الّذي حملتهُ هذه القصص،
فالطّالبة تنتقد معلّمة الرّياضة البدينة، وأستاذ الجغرافيا الّذي ينظر بشهوة إلى إحدى طالباته في حين يُفترَض أن يكونَ أبًا لطالباتهِ.
وتنتقد معلّمة الدّيانةِ الّتي تسألُ طالبةً عن كيفيّة صلاةِ أبيها، لتعرفَ مِن أيّةِ طائفةٍ هيَ، كما تنتقد أيضًا أستاذ التّاريخ الّذي لا يعرف أنّ عيدَ ميلادِ (جمال باشا السّفّاح) هو الأوّل من أيّار، وهو ذاته اليوم الّذي أعدم فيه الثّوّار السّوريّينَ فصارَ عيدًا للشّهداء.
قصصُ هذا الجزءِ مكتوبةٌ بأسلوبِ لطيفٍ، وظريفٍ وتوصلُ الفكرةَ بطريقةٍ غيرِ مباشرةٍ عبر النّقد الّذي يبدو وكأنّهُ أتى عفوَ الخاطرِ.
القسم الثّالث:
(عزفٌ حزينٌ) وفيه (١٢) قصّة قصيرة منفردة كلّ قصّة تحكي موضوعًا مستقلًّا فنحن مثلًا لا نعرف قيمةَ الشّيءِ إلّا بعدَ أن نفقدَه كما في (حكاية الوردة البيضاء).
كما تتطرّق إحدى القصص إلى التّفجيراتِ الإرهابيّةِ كما في قصّة (ذو العقل النّائم)، وبعضها يحكي عن الظّلم(طبق قشّ)، أو عدم الاهتمام بالمبدعين (وسام ما بعد الموت)، أو عن الزّواج غير المتكافئ (البومة تظلّ بومة) المكتوبة بطريقة ساخرة ورمزيّة، وتحدّثت إحدى القصص عن ثرثرة النّسوة كما في قصّة (سرّ الثّوب الأسود) ومواضيع أخرى أترك متعة استكشافها للقارئ.