ليتني أستطيع مفارقتها . هي من فكت عزلتي ؛ وشدت حبل مودتي
بيقين غربتي . دعتني للسفر إليها خاليا إلا من شوقي المديد في نبضها.
تجلس وحيدة على عتبة العبارة تردد صورتي .تحدس ؛بباطنية القلب؛
أني سأعبر تحت جنح الليل حدائقها. وتعد فخاخها لأترك شبها لي
في مبناها . لم أعلم تورطي في سلال خيالها . فالخيال هو الذي
يخطفني باستسلام لها ، ويعيدني مبللا بغيومها .
كنت أبني فضاء من رقيق الحرير ؛ وأجفف من سماء الوقت قصيدة
محمولة على جناح الندى ؛فرأتني في سهوي فأحكمت هودجها علي
وراحت ترش الأرض بماء القداسة كي يشف كل برق داخل علي وأنا
أعد حقيبة الليل للإزهار . الليل وقاد الجوى ؛ وطين كل هوى .فيه
يمرض النسيان ؛ ويتعافى الوجدان . وهي مصرة على رشفي حد
الذوبان .
رممت كل أنقاضي ورحت أمدد الظل في كل بوابات العمر . من فرط
حرصها الشديد دونت أنفاسي على لوحة القلب .وغلقت الأبواب على
كل الوساطات . وزادت الطوق ببضع رصاصات حتى تكبر في الكف
شريعة الغوايات . فالشرع أن تمتلك العطش قبل أن يرويك الماء . وأن
ترى نازلا من أعالي الوجد يتخبطك المس وتحمل للغور أوراق القلب
مبعثرة بالفيض ونعومة الميلان .