لآفاق حرة
صدر حديثًا عن دار الفكر العربي في القاهرة، رواية “بركان الجنوب” للكاتب جمال مسالمة تقع في مئة و أربع و تسعين صفحة؛ تتناول جانبًا من أحداث الثورة السوريّة في مهدها، ابتداء من انتقال شرارة الرّبيع العربي، لمجتمع محتقن، وانطلاق الحراك السلميّ، ومواجهته بالحديد والنَّار؛ ممّا أدّى لتحوُّل مسار الحراك السلميّ إلى السِّلاح، والمواجهات العسكريّة المُتبادلة، والعنف يجرّ للعنف المُضادّ، وتصاعد وتائره، وارتداداتها غير المحسوبة النتائج؛ المُنعكسة على حياة المدنيّين بشكل عام، وكانت الانعكاسات السلبيّة أكبر بكثير من الحجم المُتوقّع.
عالجت الرواية قضايا الوعي السياسيّ، والاستبداد، وتهميش دور المُثقّفين في المشهد، كما واكبت تفريخ الفصائل المُتأسلمة القادمة من وراء الحدود، واستقطبت أعدادًا كبيرة من المُتحمّسين، والمُضلّلين؛ التي شوّهت هويّة الحراك السلميّ، وطغت على الطابع الثوريّ في مواقع عديدة.
كما أبرزت رواية “بركان الجنوب” صور القتل والدمار ومعاناة النّاس تحت القصف، وفي غياهب السجون، وأثر التدخّلات الخارجيّة في مصير البلد، وُصولًا لموجات النزوح الداخليّ، ومن ثمّ اللّجوء خارج الوطن.
إلى جانب صور الدمار؛ أبرزت الرواية إصرار السوريّين على الحياة من خلال نسيج اجتماعيّ متماسك؛ يحترم العادات والتقاليد الأصيلة، والنّهوض من تحت الرّماد؛ لإعادة الإعمار، وتحمّل بعض المثقّفين لمسؤولياتهم.
احتوى نسيج الرواية على خيوط منعشة، عبر قصّة حبّ صادق ولدت من رحم الجراح، وقصة إثارة، وغواية نسجتها أجهزة الاستخبارات.
ذكر الكاتب في مقدمته: “أنَّ روايته تقف على قدمين، أولَّهما أرض الواقع، وثانيهما خيال الكاتب”. برغم ضبابية الموقف وتعقيداته؛ ترك الكاتب الباب مُواربًا لأمل قادم، على أن يُشكّل هذا العمل إضافة للأدب الاجتماعيِّ، والسياسيِّ المُلتزم بمقاومة الاستبداد، وظلام السُّجون، وحماية الحريات وحقوق الإنسان بضماناتها الدُّستوريَّة، وقضايا اللُّجوء ومُنعكساتها السلبيَّة على التغيير الديمغرافيّ داخل البلد.
وقد سبق للكاتب أن صدرت روايته الأولى بعنوان “أحلام خلف القضبان” عن دار نينوى للنشر والتوزيع 2022.
(غلاف الرواية)
الروائي. جمال المسالمة