تامبرة- فنلندا _آفاق حرة
عن “مركز التنّور”
الثّقافيّ الفنلنديّ العربيّ الذي يرأسه الأديب العراقيّ عبّاس داخل حسن صدرت الطّبعة الإنجليزيّة الأولى من رواية “أَدْرَكَهّا النّسيانُ” للأديبة أ. د. سناء الشّعلان (بنت نعيمة) بترجمة الأكاديميّة الأردنيّة مشيرة صالح طلافحة، وهي تحمل عنوان: “Oblivion Saved Her”، في 311 صفحة من القطع الرّوائيّ المتوسّط، ذلك بعد أن صدرتْ لها أكثر من طبعة باللّغة العربيّة، كما هي هدف خصب للدّراسات والأبحاث والأوراق البحثيّة واللقاءات والنّدوات النّقديّة المتخصّصة عربيّاً وعالميّاً بما تحمل من قضايا فكريّة وإنسانيّة ومجتمعيّة مثيرة للجدل.
Oblivion Saved Her/ (أَدْرَكَهّا النّسيانُ) رواية ملحميّة متداخلة الأزمان والأماكن ضمن بنى سرديّة متداخلة؛ فهي مزيج متجانس ومتداخل من رواية وسيرة ونصوص نثريّة ونصوص شعريّة مساندة، وهي تُروى على لسان أكثر من راوٍ، حيث هناك الرّاوي العليم الذي يروي من زاوية الحدث المتسلسل إلى جانب الرّاوية الجزئيّة “باربرا” التي تقوم بدور سردي للراوي العليم في هذه الوظيفة، أمّا الرّاوي البطل “الضّحّاك” والرّاوية البطلة “بهاء”، فهما يتناوبان على لعب السّرد ضمن أزمان متداخلة.
هي رواية الصّراعات المطلقة بين عناصرها المختلفة؛ فهناك صراع على مستوى الزّمان والمكان والشّخوص والحبكات، وتلعب تقنيّات السّرد أدوارها المختلفة والمتباينة في خلق الحدث الذي يتوزّع على أزمان الاستشراف والاستدعاء والاسترجاع.
الرّواية قائمة كلّها على تقنيّة القطع السّينمائيّ، حيث هناك مشهديّة الحدث بشكل اللّقطة السّينمائيّة، وهي تتجاهل تعيين الزّمان والمكان في حالة إغفال مقصودة لتعينهما من أجل تعميم التّجربة الإنسانيّة، وتوزيعها على الإنسانيّة كاملة، وذلك عبر رصد ستين سنة من عمر بطلي الرّواية “الضّحّاك” و”بهاء”، وهي فترة زمنيّة محمّلة بتجارب إنسانيّة ومخاضات تاريخيّة عربيّة مهمّة، وهي تقدّم ذلك ضمن دائرة شخصيّة ضيّقة تنحصر في حكاية الحبّ والفراق التي جمعت بطلي القصّة على المستوى الظّاهريّ المباشر.
في حين أنّ البنية الدّاخليّة التي تحمل المعنى الغائب للرّواية هي تقدّم مشهديّ زمنيّة تاريخيّة للمنطقة العربيّة وللإنسان العربيّ ضمن منظومة كبيرة من العلاقات وحركاتها.
هذه الرّواية تحكي عن معاناة “بهاء” بطلة الرّواية في حياتها الصّعبة في ظلّ فقرها ويتمها، ثم تعرض تجارب حياتها في مواجهة مرض السّرطان الذي أصاب دماغها، وبدأ يأكل ذاكرتها بالتّزامن بالتقائها بالصّدفة بحبيبها الضّائع ” الضّحّاك” الذي يقرّر أن يقف إلى جانبها في أزمتها هذه.
تتوالى أحداث الرّواية ضمن أزمان استرجاعيّة واستشرافيّة متداخلة مقدّمة لنا نسيج سرديّ كامل يضمّ البطلين وحياتهما الملبسة المتداخلة التي تكشف عن تجربتهم الإنسانيّة، بقدر ما تكشف عن التّجربة الإنسانيّة الجمعيّة في قطبي العالم العربيّ والعالم الغربي.
عن هذه الطّبعة الإنجليزيّة للرّواية قالت المترجمة مشيرة صالح طلافحة: “لقد اخترتُ رواية “أَدْرَكَهّا النّسيانُ” لترجمتها إلى الإنجليّزيّة؛ لأنّني أردتُ أن أكون صاحبة السّبق في تقديم هذا العمل الرّوائيّ العربيّ النّسويّ المميّز للقارئ باللّغة الإنجليزيّة في شتّى أنحاء العالم؛ لأنّني أرى في هذا العمل تجربة روائيّة سرديّة مميّزة؛ فهي تجربة روائيّة تشتغل على التّجريب والحداثة في تقنيّات السّرد، كما أنّها تقدّم تجربة إنسانيّة معقدّة في حياة الإنسان المضطهد في العوالم المعاصرة لا سيما في العالم العربيّ، وهي تقدّم ذلك عبر توليفة جامعة بين قضايا اغتراب الإنسان المعاصر، وفنيّات الواقعيّة السّحريّة، فضلاً استثمار خصوصيّة الكتابة الرّوائيّة الخاصّة بالرّوائيّة سناء شعلان”.
في حين قالت الشّعلان عن ترجمة روايتها إلى الإنجليزيّة: “إنّا فخورة بهذه الترجمة التي تمثّل شراكة إبداعيّة مهمّة بيني وبين المترجمة الأكاديميّة الرّصينة مشيرة صالح طلافحة وبين مركز التنّور” الثّقافيّ الفنلنديّ العربيّ الذي يرأسه الأديب العراقيّ عبّاس داخل حسن بما يقدّم هذه التّجربة الرّوائيّة إلى القارئ باللّغة الإنجليزيّة، ويقدّمها للمشهد الرّوائيّ العالميّ، لا سيما هي تجربة سرديّة خاصّة في الدّخول في عوالم كابوسيّة تندد بسقوط المجتمع ورموزه في خضم أحداث إنسانيّة دامية تقهر الإنسان، وتسحق وجوده، وتعلي من قيم الفساد والخراب والظّلم والقهر. هذه الرّواية هي صرخة وجع في وجه القبح والسّقوط والتردّي، كما هي انتصار للحبّ والخير والحقّ على الرّغم من متاهات الواقع وإكراهاته وفساده”.
في حين قال الناشر الأديب والنّاقد العراقيّ عبّاس داخل حسن رئيس مركز “التنّور” الثّقافيّ الفنلنديّ العربيّ عن ترجمة الرّواية: “هذه تجربة جديدة لمركز التنّور في ترجمة الأدب العربيّ المعاصر إلى الإنجليزيّة في سبيل تقديم المبدع العربيّ وإبداعه للقارئ باللّغة الإنجليزيّة، وهي رواية نعتزّ بنشر ترجمتها إلى الإنجليزيّة في طبعة أولى من ذلك، بعد أن كان لنا شرف إصدارها باللّغة العربيّة في طبعتها الثّانية في عام 2021، وهي رواية حبّ وانسحاق مصائر واغتراب وحرمان وضحايا حروب معلنة وخفية وبوح، وفي الرّاوية كلّ عوامل النّجاح الذّاتيّة والموضوعيّة، والأمر المهّم فنيّاً هو أنّها مثّلتْ شكلاً جديداً ضمن تيار الرّاوية الجديدة في المشهد الرّوائيّ العربيّ الحالي، وتحتاج قراءات متعدّدة، وأنا متيقّن من أنّها ستنال استحقاقها الإبداعيّ من القرّاء والمهتميّن بالرّاوية العربيّة”.