أطلَقْتُ رصاصةً على المرآة
من يومِها لم أعُد أرى
***
أوصَتْني رصاصة
قبل أن تغلقَ المرايا بإحكام:
“لا تلتفِتْ للظل
الذي يعيش تحت عقب الباب
إنه في الأغلب قط ضرير”..
سمعْتُ مواءً يملأ الفراغ حولي
وسارعت بإغلاق نافذة تهم بالعبور
لكن الرصاصة مرقت
ولم تجفلْ غزالة كانوا
يدرّبونها في الفناء الخلفي
على الموت البطيء
***
-كيف تختارين ضحاياك أيتها اللعوب؟
-أغويهم برقصة نموت فيها معاً..
فيُرشدُني عطر الخوف في عيونهم
فأراهم بوضوح حلم شاخب
يقفز بيني وبين الرصيف
والجثث تمر سراعا
فاستسلم للوداع مغمضة العينين
***
قالت رصاصةٌ لأختها كانت
تخلع رداءَها استعداداً للرّقصة الأخيرة:
إنهم كاذبون
لا يدفعون لنا ثمناً للموت
ويربحون من موتنا
أشجارا تنمو للأسفل وظلالاً ترقص للأعلى
وغيوما لا تعرف المطر
فلا تتعجلي الرحيل قبل تمام الزهو
واكتمال الأغنية..
فقالت أختها وقد أكملت عُريها :
أطلقت عناقيد الفرح وراء راقصة
تتلوى في كتاب العرس
و لم أُلوّث نهراً
ولم أقتل قطرة ماء واحدة
ولا أرى عيني ضحيتي
ولا أسخر من موت ضحية
جاءت إلي ولو بالخطأ
وأعترفُ بما فعلت بفارغ
يبقى بعدي ليكشف الأثر
ولم أك يوما بغيا
فكيف أخاف الموت
في رقصتي الأخيرة!
***
بعد تمام المذبحة
سقطتا في بئر تعاني الظمأ
فبكتا معا موتاً لا يكتمل
وقصّا قصص الضحايا لماء شحيح
لا يعرف القراءة
***
ناحت رصاصة وهي في الجُبّ بالنبأ:
كيف أغير تاريخكم وأنا أنتحر..
فتِّشوا عن الزناد
إنه البرزخ الذي يقودني إليه ربّي
وأنا لستُ بكافرة
***
أخبرني قصّاصو الأثر
أنّ رصاصة المرآة وجدوها عارية
في قبر مجاور
من يومها لم تمطر السماء