تغزو العتمةُ جماجمَ الخواءِ تقيمُ فيها ظلمة الديجور ينخرُ بجدرانها السوسُ وتصيبُ الرطوبةُ قيعانها المبلّلة بالصقيع يعشعشُ بفضائها المُعتمِ ظلامٌ دامسٌ فيقيم الغسقُ ويبسط السديمُ أذرعتَهُ في كُلّ الأَرجاء ، فلا تجدَ إلاَّ الأبخرةَ السامّةَ والغبارَ الغليظَ يتصاعدُ إلى الهامِ ويصل إلى سقوفٍ شموسُها مكسوفةٌ أقمارُها مخسوفةٌ ونجومُها في أُفول ، تتوغلُ العثثُ في الجذور والمفاصل والجذوع تشلّ الحَرَكَة يتحكمُ بها فالجٌ لعينٌ حلّ وتربعَ بأجسادٍ حركتُها وئيدةٌ وايقاعُها جمعي بصنميةٍ معتادةٍ وطاعةٍ عمياء لا تشقّها عصا التعقّلِ فتفرق جموعَ المتطوعينَ ولا أحد يقفُ بمواجهةِ الريح العاتية فإنّها تعصفُ بالعقول الراقية تلفظها خارج أسوار مدن الضباب وممالح الصدَأ ومستنقعات الركود ، ومَنْ طابَ لهُ المقامُ فعليهِ لبس أسمال باليةٍ وأنْ يتخذَ من الزيفِ جلباباً زنارهُ سَفَهٌ وتجهيلٌ وإلاّ فالإقصاءُ حاضرٌ ومأمول والإنعتاقُ مُحال ولظى التَحَرقِ يشعلُ الأفكارَ تحاولُ القفزَ إلى السطوح يصيبها شَرَرُ الشتات تُوجهُ لها نبال الغيظِ وسهام التخلف والجهل ترجمُها نيازكُ الخَرَفِ تدنسُها عذرةُ القطيع
فتظل مصلوبةً على جذوع التحجر وأَعمدةٍ من ذلكَ الجَلْمود .