الرسائلُ المُشفّرَةُ إلماعاتُ برقٍ وبيارقُ ضوءٍ ، هي منكَ على مَرمى حجرٍ رغم أنها بعيدةُ المَرمى وشعاعُها على طولِ المَدى لكنّهُ ملءُ البصر ، تنأى وهي قابَ قوسين تقتربُ وبينكَ وبينها بعد المشرقين ، لا يُمَرّ عليها مرور الكرام ولا يُكتفى بظاهرِ الكَلام فلا بُدّ من الغوصِ في الأَعماق واستخراج اللؤلؤ من الأَصْداف والدُرر من المحار ولكن .! مَنْ يفك شفرتَها !؟ ومَنْ يحل عقدتَها !؟ ويكشف طلاسمَها !؟ وقَدْ لَفّها الإبهامُ وتلبّستْ ثوب الإيهام فمَنْْ تعمق بالمعنى استساغَها وأكلَ خبزَ حكمتِها ومَنْ مَرّ بها عابراً فقدْ غصّ بها وزوِّيَ عنهُ حتّى فتات كلماتها ، لابُدّ من تفجيرِ كوامنها شَظايا وفَكِّ رموزِ ألواحها الرقمية مفاتيح أقفالٍ وتراجم أسرارٍ تمتطي صهوةَ الأُفُقِ فلا غَرَقٌ في أَمواجِ ألغازها ولا تَيهٌ في دهاليز أُحْجياتها ، يُهتدَى بإشاراتِها وعلاماتها وقرائنها إلى غياهبِ خفاياها كما يُهتدَى بنجومِ سماوات التَجَلّي إلى أغوار قيعان الشتاتِ وأَعْماقِ مجاهيل الشرودِ حتى تَتَدلّى عناقيدُ إيماءاتها علىٰ دَوالي الرُوحِ فيَأتلق صبحُ بيانِها فجراً صادقاً .
العِراقُ _ بَغْدادُ