عمان – آفاق حرة
درويش حين يكون في حضرة الغياب
احيا بيت الثقافة والفنون برئاسة الدكتورة هناء البواب رئيسة البيت في مساء يوم الجمعة الماضي العاشر من هذا الشهر ذكرى رحيل الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش بمشاركة مجموعة من الفنانين والكتاب منهم :-
الفنان زهير النوباني
والشعراء زهير ابو شايب
ومحمد خضير
ومحمد العامري
وعلي الفاعوري
وقدم الاحتفالية الشاعر احمد الدقس ذاكرا في تقديمه اهمية ما تركه درويش من موروث شعري متنوع ومهم ، وبدأت الاحتفالية بالفنان زهير النوباني الذي قرأ مجموعة من قصائد درويش في مراحل متعددة منها بين ريتا وعيوني بندقية قال فيها :
بين ريتا وعيوني..
بندقيهْ،
والذي يعرف ريتا ،
ينحني ويصلي لإلهٍ في العيون العسليّهْ!..
وأنا قبّلت ريتا،
عندما كانت صغيره،
وأنا أذكر كيف التصقتْ بي،
وغطّت ساعدي أحلى ضفيره ،
وأنا أذكر ريتا
مثلما يذكر عصفورٌ غديره آه ..
ريتا.
بينما قرأ الشاعر علي الفاعوري قصيدة الان في المنفى قال فيها :
الآن، في المنفى …
نعم في البيتِ،
في الستّينَ من عُمْرٍ سريعٍ
يُوقدون الشَّمعَ لك،
فافرح،
بأقصى ما استطعتَ من الهدوء،
لأنَّ موتاً طائشاً ضلَّ الطريق إليك ،
من فرط الزحام….
وأجّلك قمرٌ فضوليٌّ على الأطلال,
يضحك كالغبي
فلا تصدِّق أنه يدنو لكي يستقبلك،
هُوَ في وظيفته القديمة،
مثل آذارَ الجديدِ …
أعادَ للأشجار أسماءَ الحنينِ،
وأهمَلكْ
بينما قدم الشاعر زهير ابو شايب شهادة في طبيعة شعرة وطبيعة علاقته بالراحل درويش حيث قال : يثبت محمود درويش في هذه الأمسية أنه حاضر غائب دائما من خلال شعره، ثم من خلال موروثه الذي تركه لنا في كتابه المميز ( في حضرة الغياب) التبس الشعر بالنثر كما التبس معنى الحضور بمعنى الغياب، حتى كاد الفرق بينهما يتلاشى، والواضح ان هذا الكتاب رثاء لنفسه حين كان يتقدم للموت خطوة خطوة، وبعد قراءتي للكتاب سألني عن رأيي في الكتاب وهو متوتر جدا وقلق، ومرتبك وكأنه يصدر كتابا للمرة الأولى، فقلت له: شعرت ان الشاعر يرثي الناثر هنا، على عكس ما فعله ابن الريب في رثائه لنفسه، وتفاجأت أن الرأي أعجبه، وقال لي: هل ترى حقا أن الشخص هو الذي يرثي الشاعر هذا يريحني….مع أن الشخص هو الذي يموت على عكس الشاعر. وكأن الرثاء ذفاع عن وجود الذات في حضرة الغياب. وبعد عشر سنوات أستطيع أن أقول أن محمود درويش ضل طريقه عن الموت، حيث ظل في منطقة مواربة بين الحياة والموت، ونحن اليوم نرثي الشاعر الذي لايغيب أبدا. فقد كان يروض الموت وهو يريد ان يراكم لدينا موتا عميقا، لنكتشف أنه أكثر حياة ممن يتوهمون أنهم أحياء. بينما ذهب الشاعر الدكتور راشد عيسى لقراءة قصيدة رثائية بعنوان “رسالة إلى محمود درويش” قال فيها : محمود لاتعتب على جسد أباحك بالأنين لم يعط قلبك مهلة تكفي لكي يصل الغدير إلى المصب والغيمة الحبلى لحقل الياسمين مرمرت روحك وهي تسحب في المدى عربات حلمك نحو أسئلة الوطن وأخذت قلبك من يديه إلى سماوات القصيدة حين أقصيت القصيدة عن المكان وبخت سمها أفعى الزمن غادرتنا وعلى جبينك مئذنة وكنيسة وقرنفلة وعلى يديك فؤاد أب عودتنا ألا تعاتب كائديك وحاسديك ومن تقفى حلمك العالي بخنجر مسمومة أو قنبل وقرأ الشاعر محمد خضير قصيدة لدرويش بعنوان “لو كنت غيري” قال فيها : لو كُنْتُ غيري في الطريق، لما التفتُّ ، إلى الوراء، لَقُلتُ ما قال المسافرُ للمسافرة الغريبِة: يا غريبةُ! أَيقظي ،الجيتارَ أكْثَرَ! أَرجئي غَدَنا ليمتدَّ الطريقُ بنا، ويتَّسعَ الفضاءُ لنا، فننجو من ،حكايتنا معاً: كَمْ أَنتِ أَنتِ… وكم أنا غيري أمامك ها هنا! لو كُنْتُ غيري لانتميتُ إلى الطريق, فلن أعود ولن تعودي. أيقظي الجيتار، كي نتحسِّسَ المجهولَ والجهةَ التي تُغْوي المسافرَ باختبار الجاذبيّة. ما أنا إلاّ ،خُطَايَ، وأنت بوصلتي وهاويتي معاً. أما الشاعر والفنان محمد العامري استذكر علاقته ولقاءاته مع الراحل درويش في المانيا وعمان حيث قال : درويش … شكرا على ما تركته من جمال حين نتحدث عن نجم مثل درويش لا بد من ارتباك ما يجتاحك كما لو انك تتحدث عن كائن يقف امامك ، فتصبح في مواجهة مع القصيدة كلها نشكرك لانك جعلتنا أكثر جمالا ، نسمعك في صباحاتنا ونوارب الحزن فيك ، نقترض منك قوة الانشاد في خضم حياة امتلات بالبؤس والهزائم . تَضِيقُ بِنَا الأرْضُ. تَحْشُرُنَا فِي المَمَرِّ الأَخِيرِ, فَنَخْلعُ أَعْضَاءَنَا كَيْ نَمُرَّ وَتَعْصُرُنَا الأَرْضُ. يَا لَيْتَنَا قَمْحُهَا كَيْ نَمُوتَ وَنَحْيَا ، وذكر العامري لقاءاته المتعددة مع درويش واصفا اياه بانه كائن شعري خالص . وفي نهاية الحفل قدمت الدكتورة هناء البواب وسام بيت الثقافة للمشاركين .