خلف الزّجاج تقف نوران مكبّلة الأيدي تريد كسر هذا الزجاج وأخد تلك الدّمية التي أحبتها ابنتها حتى كادت تبكي للحصول عليها ، كانت تنظر لإبنتها بوجع ثم تعود تنظر لتلك الدّمية ؛
آه من زمنٍ أوجع الفؤاد ، من وقتٍ يجعلني غير قادرة لأسعد ابنتي بأبسط الأشياء ، آه لو كان بوسعي أن أشتري لها المتجر بأكمله فلن أتردد لحظةٍ،
ولكن ما بوسعي فعله ، فأنا بالكاد قادرة على توفير إحتياجاتنا الضرورية ، هممتُ أسير في الطّرقات للعودة إلى البيت مكسورة الجناح ، تعلو الخيبات كاهلي ، ليتني لم أتجوّل في ذلك الشارعِ ولا رؤية تلك المتجرِ،
في هذه الليلة نامت ابنتي وهي حزينة ، حاولت ان أنسيها ولكن هيهات أن تنسى !
ذهبت أدعوا الله ، كعادتي فهو الوحيد الذي يبث في نفسي الإطمئنان والسّكينة لم يعتليني اليأس يوماً مادامت الأرزاق من عند الله ، لطالما مدّني بالصّحةِ والعزيمة ، فأنا قادرة ،
فقط عليّ بالصّبر واليقين ، وتاللهِ إني راضية ، حتى يأذن فرج الله …
سهرت هذه الليلة ولم يغفى لي جفن حتى انتهيت من صنع دميةٍ لم تكن جميلة لتعجب بها ابنتي بقدر تلك الدّمية ، لكنني صنعتها بكل حبّ، وهنا يكمن الفرق .
حين تكبرين يا فتاة ستدركين بأن هذه الدّمية أثمن بكثير مما ستملكين، فهي تحمل رائحة أمكِ ، وعمق حبّها في كل غرزةٍ فيها ، ستعانقك عندما تبكين، وستنام بجوارك لتطمئنّين ، ستسمعك حين يغلق الجميع مسامعهم عنكِ ، وتُطبطب على ظهركِ حين تُخذلين ، ستواسيكِ في غياب أمّكِ ، و تشعرك دوماً بوجودها قربكِ ….
فلا تحزني الآن وتعلّمي من أمّكِ الصّبر والسّلوان ..