“نظرةٌ أعادَت لروحيَ روحها” ظرفٌ على طرفِ المقعدِ الذي أجلسُ عليهِ يوميًّا، كُتبَت هذهِ العبارةُ في أسفلِ الظرف مع شريطٍ أبيضٍ صغير على شكلِ قلب. طُوالَ السّنتينِ لم أتكّلمَ مع أيِّ شابٍّ في الجامعة، وزميلاتُ الدراسةِ ليسَ بيننا أيُّ تواصل، بدأتُ بفتحهِ والفضول يأكلني. ( السّلام عليكِ والحبًّ لعينيكِ الخجولتَين أما بعد؛ أتعلمينَ أنّني لا أجيدُ كتابةَ كلمتينِ وتنسيقُهما في جملة؟ كُنت قد مزّقتُ هذهِ الرسّالة ثلاثًا وثلاثين مرّة، وجِئتُ لجامعتكِ عشراتِ المرّات، ولكن وأخيرًا أتجرأ اليوم لأترُكَ رسالتي، أنا نادلُ المطعمِ الذي كُنتي وأخيكِ تأتيانِ إليهِ يوميًّا، لكن في الآونةِ الأخيرة ولِمُدة سنةٍ وسبعينَ يوم أصبحتِ تأتينَ لوحدكِ مع عينينِ غائرتينِ ووجهٍ يلتهمهُ حزنٌ عميق، خشيتُ أن أسألكِ عن السبب فتنقطعي عن المجيئ، وتُسلبُ حياتي منّي للمرةِ الثّانية، على حسبِ ما تحرّيتُ من سُكانِ حارتكِ أنّكِ فقدتِ أخيكِ وأنا أكثرُ من يُقاضي هذا الوجع، تُوُفّيَت عائلتي بأكملِها إثرَ حادثِ سيرٍ مُروع، وبقيتُ وحدي أعدُّ الأيّامَ فقط، كنتُ أراقبُ مجيئَكُما، ضحكاتكما، والحبُّ العظيمُ الذي بينكُما، لا أدري ما الذي علّق قلبي بوجودكِما، كنتُ أرى جمالَ الكلامِ الذي تتدارسونهُ بينكُما، بينَ معلوماتٍ دينيّةٍ وأحاديثَ شيّقة، أتتذكرينَ حينَ ابتسمتِ للطافتي مع أخيكِ بمُداخلتي لهُ في حديثٍ بسيط، شيئٌ ما في داخلي تحرّك، كثيرٌ من الكلامِ يحتشدُ داخلي الآن، والكلامُ لا يسعفُني أبدًا، أتمنّى أن تقبلي رؤيتي مساء الجُمعة، في منزلكم، جلبتُ لكِ الأسوارِ الذي أضعتهِ قبل أُسبوعينِ كان تحتَ الطاولةِ الذي خلفكِ، وآملُ أن لا تبكِ بعد اليوم فواللهِ لا يليقُ الحُزنُ بحسناءِ كأنتِ). – آية رحمو
“نظرةٌ أعادَت لروحيَ روحها”
ظرفٌ على طرفِ المقعدِ الذي أجلسُ عليهِ يوميًّا، كُتبَت هذهِ العبارةُ في أسفلِ الظرف مع شريطٍ أبيضٍ صغير على شكلِ قلب.
طُوالَ السّنتينِ لم أتكّلمَ مع أيِّ شابٍّ في الجامعة، وزميلاتُ الدراسةِ ليسَ بيننا أيُّ تواصل، بدأتُ بفتحهِ والفضول يأكلني.
( السّلام عليكِ والحبًّ لعينيكِ الخجولتَين
أما بعد؛
أتعلمينَ أنّني لا أجيدُ كتابةَ كلمتينِ وتنسيقُهما في جملة؟
كُنت قد مزّقتُ هذهِ الرسّالة ثلاثًا وثلاثين مرّة، وجِئتُ لجامعتكِ عشراتِ المرّات، ولكن وأخيرًا أتجرأ اليوم لأترُكَ رسالتي، أنا نادلُ المطعمِ الذي كُنتي وأخيكِ تأتيانِ إليهِ يوميًّا، لكن في الآونةِ الأخيرة ولِمُدة سنةٍ وسبعينَ يوم أصبحتِ تأتينَ لوحدكِ مع عينينِ غائرتينِ ووجهٍ يلتهمهُ حزنٌ عميق، خشيتُ أن أسألكِ عن السبب فتنقطعي عن المجيئ، وتُسلبُ حياتي منّي للمرةِ الثّانية، على حسبِ ما تحرّيتُ من سُكانِ حارتكِ أنّكِ فقدتِ أخيكِ وأنا أكثرُ من يُقاضي هذا الوجع، تُوُفّيَت عائلتي بأكملِها إثرَ حادثِ سيرٍ مُروع، وبقيتُ وحدي أعدُّ الأيّامَ فقط، كنتُ أراقبُ مجيئَكُما، ضحكاتكما، والحبُّ العظيمُ الذي بينكُما، لا أدري ما الذي علّق قلبي بوجودكِما، كنتُ أرى جمالَ الكلامِ الذي تتدارسونهُ بينكُما، بينَ معلوماتٍ دينيّةٍ وأحاديثَ شيّقة، أتتذكرينَ حينَ ابتسمتِ للطافتي مع أخيكِ بمُداخلتي لهُ في حديثٍ بسيط، شيئٌ ما في داخلي تحرّك، كثيرٌ من الكلامِ يحتشدُ داخلي الآن، والكلامُ لا يسعفُني أبدًا، أتمنّى أن تقبلي رؤيتي مساء الجُمعة، في منزلكم، جلبتُ لكِ الأسوارِ الذي أضعتهِ قبل أُسبوعينِ كان تحتَ الطاولةِ الذي خلفكِ، وآملُ أن لا تبكِ بعد اليوم فواللهِ لا يليقُ الحُزنُ بحسناءِ كأنتِ).