الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف الشاعرة اللبنانية ميشلين مبارك في زاويته أسماء وأسئلة

 

أسماء وأسئلة : إعداد وتقديم رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الاسبوع الشاعرة اللبنانية ميشلين مبارك
** كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
شاعرة وكاتبة من لبنان، عضو في اتحاد الكتّاب اللبنانين وأنا في بحث دائم عن المعنى من خلال شغف الكتابة. المعنى بالوجود، المعنى بكتابة شيء يستحق ان يبقى.
** ماذا تقرأين الآن وماهو اجمل كتاب قرأته ؟
بين يدي الآن رواية “بيروت على فوهة استون” وهي مجموعة قصص تروي عن بيروت ومعاناة أهلها في فترة الحرب من القرن الماضي، للروائي اللبناني الياس العطروني، أمّا ما اجمل كتاب قرأته، فالحقيقة لا استطيع الجواب لانه بالنسبة الي كل كتاب يعلّمني شيئا، ألتقط منه عبرة، يزرع فيّ بسمة..، لكل كتاب كنزه والقارىْ عليه أن يحسن اكتشافه. فالقراءة عندي شغف وتعمق في الوجود وربما أيضاً بحث ومقال في جريدة.
** متى بدأت الكتابة ولماذا تكتبين؟
بدأت بالكتابة في سن المراهقة إنما نشرت ما أكتبه في الجريدة في التاسعة عشرة من عمري. تركت الكتابة فترة من الزمن نظرا لإنشغالي بالزواج والاولاد ثم عدت اليها، عندها ادركت أنني أكتب لأستقي الاوكسجين الحقيقي في هذه الحياة، أنا أكتب لأنجو في هذه الحياة. لانني أؤمن بأن الكتابة علاج من أوجاع نائمة ندركها ام لا في داخلنا، وعندما يخرج هذا الالم نُشفى.
** ماهي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين الى التسكع في ازقتها وبين دروبها؟
المدينة التي تسكنني وأنا أشكر ربي بأنني أسكن فيها هي بيروت، ويجتاحني الحنين دوما الى أن تعود الى أيام عزّها وتكون قبلة للمثقفين والشعراء والهاما للرسامين، بيروت يا صديقي ليست أبنية حديثة وعمارة أثرية. بيروت هي عطر الحنين في قلب كل من يتعرف اليها، هي ذاكرة العزّ في صوت فيروز وأغاني الرحابنة، هي عاشقة جبران خليل جبران وفكر خليل حاوي، هي صلاة جرس الكنيسة عندما يعانق مأذنة الجامع مما يجعلك تشكر الله على هذه النعمة.
**هل انت راضية على انتاجاتك وماهي اعمالك المقبلة؟
في الحقيقة، لا لستُ راضية تمام الرضى: ففي ديواني الاول “تجربة” الصادر عام 2007 اعتبرته تجربة لم تنضج بعد، أتى “اعتراف” الصادر عام 2016 لاعترف بأنني ما زلتُ أتلمس الطريق ومن ثم ديوان “صدى الروح” عام 2018 ومن ثمّ فأنا ما زلتُ في البداية، وعدم الرضى هذا يحفزني أو بالاحرى يستفزني على استنباط أفكار كثيرة هي في وجداني وانتظر الوقت المناسب لأعبّر عنها، وطبعا لديّ كتابات كثيرة سواء نصوص شعرية او مطالعات لكتب على أمل ان تبصر النور في المستقبل.
** متى ستحرقين اوراقك الابداعية وتعتزلين الكتابة بشكل نهائي؟
الكتابةهي شغفي الحقيقي بل هي فعل غرام متبادل، وأنا علقت بغرامها لذلك لن أعتزل مطلقا، أمّا بالنسبة للاوراق الابداعية فهي من نعم رب العالمين، الى الآن ودوما أحمد الرب على نعمه والافكار التي يستلهمني بها بطرق شتى عبر الطبيعة او البحر او الالم، نعم تنام على وسادة أوراقي قصائد وكتابات كثيرة تنتظر فقط ان أوقظها.
**ماهو العمل الذي تتمنين ان تكوني كاتبته وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
ليس هناك من طقوس خاصة للكتابة، فقط الهدوء والانفصال الذاتي عن كل ما يحيط بي، أحيانا تنبت بعض الافكار عندما أقود سيارتي في بيروت وأنا أتألم كل يوم لرؤية الاثار المدمرة لانفجار المرفأ، حتما هذا الالم سيترجم على الورق. أمّا العمل الذي كنتُ أتمنى كاتبته فأستطيع أن أخبرك شيئا في شخصيتي: أنا أؤمن بالاجتهاد الشخصي والطموح لأصل الى الهدف المنشود سواء في حياتي الاجتماعية او في مسيرتي الادبية، لا شيء مستحيل، بالعمل والايمان نصل الى ما نطمح اليه، هذا على الرغم من وجود الكثير من الاعمال الادبية ومنها على سبيل المثال للاديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمه والتي أحلم أن أصل الى الطريقة في عمق المعنى وسهولة التعبير في أسلوبها.
** هل للمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها ام هو مجرد مغرد خارج السرب؟
أعتبر بأنّ المثقف المغرد خارج سربه هو يعيش في Lala Land، الانسان بغض النظر عن ثقافته ابن بيئته، فكيف بالحري المثقف المطلّع على أفكار وعادات وفلسفات بيئته والاخرين، فعليه ان يلعب دوراً فعلياً ومؤثراً في المنظومة الاجتماعية، يدافع عن القيم الانسانية اولا، منفتحا على أفكار ألاخرين. أنت تعرف بأن في لبنان مجتمع متنوع ومتعايش مع نفسه، أنا أحب الآخر المختلف عني، ليس لأجعله مثلي، أبدا، أنا أحبه لانه مختلف وأحترم اختلافه، وهنا أقول للمجتمع العربي الغير لبناني: إنّ منظموتنا السياسية عادة ما تأخذنا الى أماكن لا تعبّر إطلاقا عن المنظومة الاجتماعية: هذه الاخيرة الشابة المثقفةتتعايش مع بعضها بكل حبّ. هنا يبرز دور المثقف ليعبّر عن الواقع. على سبيل المثال، عندما رأيت الشباب اللبناني المثقف كيف تهافت لمساعدة سكان بيروت في نكبتها، من دون السؤال عن الهُوية والطائفة والمنطقة…أدركتُ بأنّ الثقافة في لبنان بألف خير.
**ماذا يعني لك العيش في عزلة اجبارية وربما حرية اقل بسبب الحجر الصحي؟وهل العزلة قيد ام حرية بالنسبة للكاتب؟
كل سكان دول العالم أجبروا على العيش بالعزلة بسبب الحجر الصحي من وباء كورونا، هذه العزلة قيدت التنقل إنما لم تقيدالحرية بنظري، ليس الحجر الصحي بالضرورة هو من يخضع الانسان لعزلة، التعنت او الوسواس النفسي أو التعصب هو من يجعل اي انسان سجين افكار متحجرة ، فالحرية تنبع من الداخل، من الفكر النيّر، من الفلسفات المتنوعة والنظريات الكثيرة في الادب واساليب اللغة المختلفة، كلها جعلت حجري المنزلي وسيلة ابداع، فقرأت كثيرا وكتبت كثيرا مما جعلني اليوم أحضر لديوان شعري جديد.
**شخصية من الماضي ترغبين لقاءها ولماذا ؟
في ذاكرتي حنين للعديد من الشخصيات التي ارغب في لقائها من الماضي ومن الحاضر ايضا، وددتُ لو تعرفت الى الاديبة مي زياده او الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي او الاديب الفرنسي فيكتور هوغو…
على كل حال، ما اريد قوله بأنه يمكننا ان نلتقيبأشخاص رحلوا عنا من خلال كتابتهم، القراءة فعل شغف وثقافة وهي ايضا فرصة لقاء بأفكار الكاتب او بسيرته الذاتية، على سبيل المثال متعة حقيقة وسيرة مضيئة في سيرة الاديب ميخائيل نعيمه في كتابه “سبعون”.
**ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو اتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
ما كنت سأغير في حياتي لو أتيحت لي فرصة البدء من جديد: أنا بشكل عام في حالة تصالح وسلام مع ذاتي: ربما كنت خصصت وقتا اطول للقراءة..
** ماذا يبقى عندما نفقد الاشياء الذكريات ام الفراغ؟
أنا أؤمن بأنّ لا فراغ عند الانسان المؤمن، حتى لو فقدنا الاشياء، ذكرياتنا، مدينتنا، احباؤنا، حتى لو فقدنا كتابتنا، ذاكرتنا. يبقى الايمان ذاك النور الساكن في الداخل لينبعث من جديد حاملا الامل.
** الى ماذا تحتاج المرأة في اوطاننا لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز.الى دهاء وحكمة بلقيس ام الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
ماذا تحتاجه المرأة في أوطاننا العربية لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية، الى حكمة بلقيس ام الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي:
طبعا هؤلاء النسوة رفعت راية المرأة وتحريرها من العادات البالية والذكورية الطاغية، عندما رفعن القلم، قلم الحقيقة في وجه الكذب. انطلاقا من ذلك، اقول انّ ما تحتاجه المرأة فعليا في أوطاننا العربية هو التعليم، وهنا أستشهد بالاديب المعلم بطرس البستانيالذي قال: “أخبرني ما هو الانسان وانا أخبرك ما كانت أمه”. مشددا على أهمية تعليم المرأة، ودعاها للعب دورها كاملا في المجتمع، قائلاً: “لم تخلق المرأة لان تكون أداة زينة في المجتمع او صنماً، بل أقامها الله أمّا للخليقة”. اذا، أنا مع تعليم المرأة في كل بقعة في هذه الارض.
** ما الذي يريده الناس ، تحديداً، من الشاعر؟
اعتقد انّ الشاعر يعبّر عن أفكارهم وآرائهم التيلا يقولونها سواء ادركوها ام لا، وربما لا يعرفون الوسيلة التي يقولونها. أمّا إذا كنتُ شاعرة مقرؤة، فلا أدري.الحقيقة أنا اهتم بالنوعية وليس بالعدد: يكفيني ان تقرأني مثلا صديقة شاعرة ورسامة من تونس، او شاعر نوراني من المغرب ويكتب عن ديواني في صحف مغربية او يقرأني استاذ في الشعر من العراق وينشر عن كتاباتي من دون ان اعلم، او أن يحب شاعر فلسطيني مبدع ما أكتبه او ان تضع روائية مبدعة من سوريا إشارة اعجاب لافرح من كل قلبي. من دون ان أنسى طبعا شعراء وادباء لبنان.
**هل يحتاج الانسان الى الكتابات الادبية ليسكن الارض؟
اسمح لي أن أعدّل السؤال: يحتاج الانسان الى كتابات ادبية نقية وجميلة ليستطيع ان يسكن الارض. اشعر انه في القراءة، في الكتاب عموما ثمة حنين ممزوج بعطر الارض في اول الغيث، ثمة سفر الى عوالم ربما اجمل من الواقع المرير الذي نعيشه، مشهديات معبّرة نلتقي بها مع شخصيات لا نعرفهم ويصبحون اصدقاءنا.
**كيف ترين تجربة النشر على مواقع التواصل الاجتماعي؟
هي سيف ذو حدين: الاول ايجابي: هناك مساحات للجميع بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم، يعزز التواصل بين الكتّاب والشعراء حول العالم، فتقرب المسافات ويتشابك التواصل الاجتماعي والثقافي، وهذا جميل جدا بأنّ يصبح لدي أصدقاء في مصر، المغرب، الامارات وحتى في لبنان
أمّا الوجه السلبي: فإنّ أيا كان يدلو بدلوه، فترى أخطاء لغوية فاقعة وكتابات لا تقول شيئا سوى التكرار او سرقة افكار الاخرين، وهذا شيء مسيء للغة العربية وللنوعية الحسنة من الكتّاب.
** اجمل واسوء ذكرى في حياتك؟
بالنسبة إليّ، إنّ ولادة ديوان او كتاب جديد بمثابة ولادة ابن او ابنة، وهي اجمل الذكريات، أمّا أسوأ الذكريات فهي حتما أكثر وبعضها مرتبط بشكل مباشر بوضع لبنان الحزبن.
**كلمة أخيرة او شيء ترغبين في التحدث عنه؟
أشكر كل من يقرأني وقرأني حتى السؤال الاخير. اشكرك صديقي ومن قلبي سلام الى المناضلين في هذه الارض من اجل المعنى في حياتهم على الرغم من كل الحزن والقمع. أدعوهم الى المقاومة الثقافية.

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!